الأربعاء 27 نوفمبر 2024

‎أوتار الفؤاد أوس ل منال سالم

انت في الصفحة 19 من 28 صفحات

موقع أيام نيوز

نحو الطاولة وبعيدا عن الفوضى القابعة على الأرضية ليجلسا سويا طالعتها بنظراتها القلقة المهتمة قبل أن تقول له وهي تداعب طرف ذقنه بأناملها
حبيبي أنا حاسة بيك وعارفة أد إيه إنت مضغوط وشايل كل هموم الدنيا فوق راسك بس بلاش تحمل نفسك اللي متقدرش عليه
أمسك بأصابعها قائلا بجدية
تقى خليكي إنتي مرتاحة ومتفكريش أنا عارف أتصرف كويس
ردت عليه ببسمة رقيقة
أنا مش بأقلل من قدرتك..
تأملت ردة فعله بقليل من الحذر ثم تابعت وهي تحتفظ بنفس الابتسامة الناعمة
بس حقيقي إنت صعبان عليا أنا مابقتش بأشوفك زي الأول بقيت مشغول عني وحتى الوقت اللي كنا فيه سوا ولوحدنا وبعيد عن المشاكل لاقينها بتجري ورانا
نفخ بصوت مسموع ليعقب بعدها بوجهه الممتعض
ما هو ده مش بإيدي
وماينفعش أسكت أو ماردش!
مدت تقى يدها لتلتقط كفه احتضنته بين راحتيها الناعمتين أسبلت عينيها نحوه تقول له
أنا خاېفة عليك
تصنع أوس الابتسام معلقا عليها
عارف ده وبأطمنك
ثم قام بتغيير حوارهما لأمر آخر فسألها

بابتسامة صغيرة
ها بتعرفي تعملي قهوة ولا أنادي عفاف
تصنعت العبوس قبل أن ترد بزهو متفاخر
عيب عليك ده أنا شاطرة ولهلوبة في الطبيخ وعمايل القهوة
فرك جبينه قائلا بتحد
وريني
نهضت من جواره لتتجه نحو الموقد أشعلته بعد أن أحضرت الكنكة التي وضعت بها الماء راقبها أوس وهي منهمكة في إعداد قهوته مركزا كامل عينيه عليها ثم أضاف قائلا ببسمة بلهاء
تصدقي.. مجاتش فرصة أدوق الأكل من إيديكي.
استدارت برأسها نصف استدارة لترمقه بنظرات مشرقة ووجه بشوش وهي ترد
طب من هنا ورايح أنا اللي هاطبخلك
تحمس لاقتراحها قائلا
وأنا موافق تجربي فيا
مش هتندم أنا القاسې في طياته
حد بس يفكر يقاطعنا وهايشوف أنا هاعمل فيه إيه
عاتبته بغنج مثير
آخ منك
أغلق الموقد وأدارها نحوه نظرت له برومانسية حالمة وبادلها نظرات أكثر شغفا سألته بدلال محبب إليه
ها فكرت تسمي ابننا اللي جاي إيه
أجابها 
كانت زيارة عائلتها لها في المشفى تحمل نوعا من الراحة النفسية فبالرغم مما عانته إلا أن أحضان والدتها وتلهف شقيقتها عليها كانا كفيلين بتخفيف إحساسها بالوحدة والغربة. هي لا تنكر أنها تتلقى كامل أنواع الرعاية والاهتمام هنا بل أكثر مما كانت قد تحلم به في حياتها لكن لا يغني ذلك عن سعادتها بوجود عائلتها إلى جوارها الغريب في تلك الزيارة أن والدتها لم تتطرق أبدا لموضوع القميء منسي وتلقي اللوم عليها كانت على عكس طبيعتها أكثر لطافة وأكثر حنوا عليها. ابتسمت هالة في تلقائية مستعيدة ذلك الإحساس الجميل الذي افتقدته كثيرا بحنان الأم وعاطفتها الجياشة. سمعت دقات خفيفة على باب غرفتها فهتفت عاليا
اتفضل!
اعتقدت في نفسها أن القادم هي الممرضة لتناولها الدواء وتتفقد أحوالها لذا لم تستدر نحوها وظلت جالسة في مكانها بالشرفة تتطلع إلى الحديقة الغناء بورودها وخضرتها المبهجة حانت منها التفاتة صغيرة جانبية لتتفاجأ به واقفا على أعتاب الشرفة ومستندا بظهره على الحائل الخشبي وفي يده باقة من الزهور البيضاء. هبت واقفة والدهشة المصډومة تعلو ملامحها ابتلعت ريقها مرددة
إنت تاني
رد عليها يامن بابتسامة صغيرة عذبة
أيوه
تصنعت العبوس لتبدو أكثر جدية معه وهي تقول له
مش شايف إن اللي بتعمله ده بقى بايخ أوي المفروض...
قاطعها مبتسما في نعومة
شكلك حلو النهاردة
توردت بشرتها على الفور وكأنه قد ضغط على زر إشعال الدموية بها ارتبكت من غزله العفيف وكتفت ساعديها أمام صدرها مدعية تجاهلها لمقولته الأخيرة لكنها لم تفلح ظهر التأثر جليا عليها اضطرت أن تشيح بوجهها بعيدا عن نظراته التي تراقب إيماءاتها المرتبكة لتبدو أكثر جدية قصدت الاتجاه نحو باب الشرفة وهي توبخه
ماينفعش اللي بتعمله ده احنا هنا في مستشفى والمفروض أنا أخدة راحتي هنا
تقدمت خطوتين للأمام لكن ما لبثت أن ارتدت للخلف وقد انتفض كامل جسدها حينما اعترض يامن طريقها ليبقيها محتجزة معه في الشرفة طالعها بنظرات رومانسية للغاية قائلا لها
بأحبك!
تدلى فكها للأسفل وخفق قلبها بقوة حتى كاد صوت دقاته يصم أذنيها من فرط قوته تلعثمت وارتبكت وهي تردد في غير تصديق
إنت .. إنت بتقول إيه
بدا أكثر ارتياحا عنها وهو يسترسل بتلقائية
مش عارف إزاي ده حصل بس أنا بأحبك وخلاص!
تضاعف ارتباكها المحير وعجزت عن الرد عليه في ظل حصاره الموتر لها ڼهرته بصوت كان شبه مهزوز
مايصحش الكلام ده!
تحفزت لتتحرك من جديد وتتجاوزه لكنه فرد ذراعه أمامها ليثبط محاولتها الفاشلة للمرور أجبرها على البقاء حبيسة الشرفة ليقول لها بعتاب المحبين
على فكرة أنا مقولتش حاجة غلط أنا بأحبك ودي حقيقة حتى لو مش عاوزة تسمعيني
ارتفع الضجيج بداخل صدرها من قوة مشاعرها التي تحفزت مع اعترافاته الجريئة بدا جمودها زائفا توسلته بعينين تتحاشان النظر نحوه
من فضلك امشي.
استمتع للغاية برؤيتها مرتبكة خجلة بشرتها تشع بدموية مفعمة بالحياة تركزت نظراته على ملامحها وكأنه يحفظها جيدا لتبقى محفورة في ذاكرته زادت جديتها فصاحت بارتباك يشوب

كلماتها
لو سمحت ماينفعش كده أنا.. بأكلمك بالذوق
أومأ برأسه قائلا لها وقد أبعد ذراعه
حاضر..
ثم اتسعت ابتسامته اللطيفة وهو يوصيها
خدي بالك من نفسك وأكيد هاجي أشوفك تاني
ردت بجفاء متجاهلة كم المشاعر الهائجة بداخل كيانها البشري
هاكون نايمة.. ده إن مامشيتش من هنا ورجعت بيتي.
خرجت منها شهقة عفوية حينما مال نحوها برأسه ليقلص المسافات فجأة بينهما فزادت لبختها والتصق ظهرها بحائط الشرفة أحست بدفء أنفاسه يداعب بشرتها وهو يقول لها مؤكدا
وأنا مش هابعد عنك.
انخفضت نظراتها بل تكاد تكون قد أغمضت جفنيها لتتجنب عيناه الفاحصتان لها رجفة جفيفة انتابتها وهو يكمل بنفس العزم والإصرار
لأني معنتش خاېف من حاجة!
ابتلعت ريقها في حلقها الجاف وحاولت أن تضبط إيقاع تنفسها الذي خالف انتظامه وأصبح كالمكوك ينتفض علوا وهبوطا استند يامن بيده على الحائط ليصبح قريبا من رأسها تابع همسه الواثق
بس قبل ما أمشي عاوز أقولك حاجة مهمة..
حاولت الإفلات من حصاره لكن اتخذت يده الأخرى موضعها على الجانب المقابل لرأسها لتصبح فعليا أسيرة ذراعيه حملقت في حدقتيه المثبتتين على وجهها المتورد بربكة وارتعاش شهقة أخرى خانتها وخرجت من جوفها عندما قال لها بثقة
أنا حكيت لابن عمي على كل حاجة!
كانت جملته غامضة محيرة مٹيرة للفضول فعصف برأسها عشرات التكهنات التي تؤدي كلها إلى نتيجة واحدة حاولت إنكارها بشدة ومع ذلك سألته بصوت يكاد يكون مسموعا عله ينفي ما خمنته
مش فهماك!
ظهرت ابتسامة نضرة على محياه وهو يجيبها بتفاخر
يعني هو عارف إني بأحبك.
هوى قلبها في قدميها وانفرجات شفتاها عن دهشة أعجب لم تتخيل أن يكون يامن بمثل تلك الجراءة ليفاتح صاحب الهيبة والسلطة في أمرهما المستحيل ببساطة وكأنه يفرض عليه الواقع أنكرت تصرفه المتهور قائلة في عدم تصديق وكل ذرة فيها تنتفض كما لو كانت قد أصيبت بصاعقة
إيه.. بتقول إيه مش معقول! إنت قولتله الكلام ده طب هايقول عني إيه أكيد أنا لفيت عليك و...
لمعت عيناه بوميض أحبه كثيرا لمجرد رؤيتها مرتبكة ومقاومة لبذرة الحب التي وجدت مكانها في قلبها دون أن تدري أنها اعترفت ضمنيا بمشاعرها نحوه تركها تهذي وتخربط في حديثها حتى انتهت لتجده محدقا بها بطريقة غريبة طمأنها عن غرور لا يليق إلا به وابتسامة نصر تعلو ثغره
مټخافيش.. هو كان مرحب على الآخر
حدقت فيه ببلاهة وهي بالكاد تكافح للسيطرة على نفسها أرخى يامن ذراعيه وانتصب في وقفته ليودعها بكلمات مؤكدة
هاجيلك تاني يا هالة إنتي مش هاتغيبي عن عينيا لحظة!
وكأن جسدها التصق بالغراء في الحائط لم تتحرك قيد أنملة وتبعته نظراتها المصډومة وهو يسير مبتعدا إلى خارج الغرفة كليا وضعت يديها على وجنتيها تتحسسان السخونية المتفجرة بهما هزت رأسها محدثة نفسها بأنفاس أقرب للهاث
ده أكيد جنان.. مش معقول يكون قال للباشا كده!
تقلص صغير ضړب أسفل معدتها فأوقظها من غفلتها نهضت تقى عن الفراش لتتجه إلى الحمام حيث أفرغت ما في جوفها كان ما تمر به طبيعيا في تلك المرحلة من حملها حدقت في انعكاس وجهها المنتفخ قليلا في المرآة ابتسمت بتهكم للتغير الذي طرأ على ملامحها. انتهت من غسل وجهها لتعود إلى الغرفة وهي ترتجف قليلا فركت جانبي ذراعيها بكفيها الباردين لتبعث الدفء على نفسها همست واصطكاك أسنانها يكاد يكون مسموعا
أنا سقعانة أوي!
ضاعف من إحساسها بالبرودة جهاز المكيف الذي كان مضبوطا على درجة أقل ليساعد أوس على النوم سريعا حاولت ضبطت رجفتها لكنها لم تستطع اتجهت إلى الحجرة الجانبية التي كانت معدة لتكون خزانة للملابس لتبحث فيها عما يمكن أن ترتديه ليمد جسدها بالحرارة المفقودة كانت أغلب ثيابها المنزلية خفيفة وملائمة للأجواء الحميمية فيما عدا بعض القطع التي ضاقت عليها بسبب اكتسابها للوزن التفتت أنظارها نحو الجزء الخاص بزوجها وعفويا تشكل على ثغرها بسمة عريضة أطلت برأسها للخارج لتتأكد من نومه ثم عادت لتحدق في مجموعته المميزة من الماركات المختلفة. وقفت تقى أمام ثيابه تنتقي ما يلائمها تملكها إحساسا عظيما بالرضا بعد أن ارتدت سرواله الرياضي وتشيرتا بدا فضفاضا عليها من اللون الزيتي الداكن تأملت نفسها في المرآة المثبتة في الجانب كاتمة ضحكة لاهية تشكلت على وجهها أسرعت بالسير لتتدثر أسفل الغطاء وما هي إلا لحظات وتغلغل الدفء في جميع خلاياها لتنعم بنوم هانئ.
تململ أوس بجوارها ونظر لها بنصف عين أطبقت تقى على شفتيها بقوة كي لا ينكشف أمرها تيقن أنها تدعي النوم لكونها تبتسم اعتدل في رقدته ونظر لها متسائلا في فضول وهو يفرك رأسه
إنتي صاحية صح
أولته ظهرها ساحبة الغطاء عليها وهي ترد بصوت ثقيل
لأ
ضاقت عيناه باهتمام أكبر وقد لاحظ ما ترتديه انحنى برأسه نحوها ليسألها بصوت خفيض
إنتي لابسة هدومي يا تقى
ردت عليه بنبرة ناعسة
سبني أنام يا أوس شوية دماغي مصدعة و...
انفلتت منها شهقة حرجة حينما أزاح الغطاء كاملا ليكشف عن جسدها سألها بصوت رخيم
إيه ده
استدارت نحوه ترمقه بنظرة حادة وحاجباها معقودان كان وجهه جامد التعبيرات ونظراته إلى حد

ما غير مريحة هتفت قائلة له في عصبية وملامحها عابسة
أه لابسة هدومك فيها حاجة يعني ما أنا كنت سعقانة ومافيش حاجة جاية على مقاسي هاعمل إيه ملاقتش إلا دول ألبسهم!
أخفى شبح تلك الابتسامة العابثة التي تكافح للظهور على وجهه ارتدى قناع الجدية ليقول لها
استأذنتيني طيب
انفرجت شفتاها عن دهشة مصډومة من سؤاله الغريب زادت تعبيراتها تعقيدا وهي ترد عليه
إنت بتكلم جد
قال لها بجدية أكبر دون أدنى تغيير في نظراته نحوها
وده شكل حد بيهزر
ناداته باسمه ومازالت علامات الصدمة تعتليها
أوس!
أشار بعينيه يأمرها في جمود
تقى من فضلك اقلعي هدومي أنا مابحبش حد يلبسها
اغتاظت من أنانيته في التعامل وردت بغيظ وهي تضغط على أسنانها
بقى كده
هز رأسه قائلا
أيوه اقلعي!
رفعت تقى طرفي التيشرت الخاص به عن جسدها لتنزعه وبقيت أكمامه على ذراعيها متمتمة بضيق كبير
طب اتفضل ودي آخر مرة هاخد حاجة منك
18  19  20 

انت في الصفحة 19 من 28 صفحات