رواية امرأة العُقاب بقلم ندى محمود
وهي تقول باعتذار صارم
_ أسفة بس أنا ورايا مشوار ومستعجلة وكنت ماشية قبل ما حضرتك تاجي
همت بالانصراف لولا قبضته التي أمسكت برسغها في لطف وهتف بوداعة
_ لحظة بس إنتي متعصبة مني ليه كدا ! لو قولت حاجة ضايقتك من غير قصد سواء دلوقتي أو يوم الفرح أنا آسف مقصدش والله
زينة باقتصاب
_ مفيش زعل يا أستاذ رائد أنا زي ما قولتلك مستعجلة بس وبخصوص الموضوع اللي والدتك فاتحت ماما فيه ف
_ أنا مجيتش اتكلم معاكي عشان اسألك موافقة أو لا خالص بالعكس أنا كنت حابب نتكلم وندردش مع بعض مش أكتر
أحست أنها قست قليلا عليه في حدة كلامها فتنهدت بهدوء وتمتمت في صوت رخيم وابتسامة بسيطة
_ مرة تاني إن شاء الله عن أذنك
ثم سحبت يدها من قبضته واندفعت إلى خارج المقهى بأكمله مسرعة دون أن تلتفت خلفها بينما هو فتنهد بقوة ورفع يده يمسح على وجهه بيأس !
اقتربت ووقفت خلفه
ثم وضعت كلتا كفيها على كتفيه من الجهتين وقالت بنظرة جانبية خبيثة وحانية
_ مش ناوي تفرحني كدا يابني وتخليني اشوفلك عروسة وافرح بيك
الټفت
لها بجسده وقال ضاحكا بمشاكسا
_ لا ريحي نفسك ياست الكل لما احب اتجوز أنا اللي هختارها
أسمهان رافعة حاجبها باستنكار ووجه جاد
آدم ببشاشة وبرود متعمد
_ طبعا يا سلطانة اعذريني مش هسمحلك تتولي المهمة دي بذات ده جواز مش لعبة
_ أنت هتعمل زي أخوك !!
زم شفتيه بعدم اكتراث وتمتم
_ ماله عدنان !
أسمهان بقرف وغيظ
_ مش لو كان سابني انقيله عروسته على مزاجي كان زمانه دلوقتي عايش مبسوط ومتهني في حياته لكن البيه لعبت بعقله حلاوة بنت فاطمة الخدامة وخلته مش شايف غيرها ولما جات الفرصة إنه يتجوز تاني راح واتجوز بنت نشأت ڠصب عني
_ عدنان هيكون مبسوط ياماما لما تتخلي عن تصرفاتك ومحاولاتك في إنك تتخلصي من جلنار ودلوقتي بقت فريدة سبيه ومتدخليش في حياته ومتخقليش مشاكل بينهم
ثم اندفع لخارج الغرفة بأكملها فصړخت هي منادية عليه في سخط
_ آدم
ثم أكملت بعينان ملتهبة بالغيظ
والغل عندما لم يجب عليها
انتهت من
ارتداء ملابسها وكل شيء استعدادا لعودتها إلى وطنها ثم جلست على الفراش وامسكت بالهاتف وبحثت بقائمة الأسماء عن رقمه وظلت تحدق به بتردد تتصل به وتخبره أنها راحلة أم لا ! قذفت بذهنها كلماته وهو يعبر لها عن حبه الخفي لها بحبك أوي ياجلنار نفضت عن ذهنها تلك الكلمات وهزت رأسها بالنفور وهي تحسم قرارها بعدم الاتصال به وبل وعدم التواصل معه تماما
انفتح الباب ودخل عدنان ثم وقف للحظات قصيرة يحملق بها وقال بخشونة
_قاعدة كدا ليه يلا
طالعته بعينان محتقنة بالډماء ثم استقامت واقفة وجذبت حقيبتها الصغيرة والقت نظرة أخيرة على الغرفة بأكملها تتأكد من عدم نسيانها لشيء ما ثم اتجهت نحوه وقبل أن تعبر من الباب بجانبه قبض على ذراعها ليوقفها ورفع كفها الأيمن لأعلى ينظر إلى أناملها الخالية من خاتم زواجهم فاستقرت في عيناه نظرة قوية مردفا
_ خاتمك فين !
سحبت يدها من بين يده بهدوء وهي تزفر بخنق وتهتف باقتضاب
_ في الشنطة
_ طلعيه
كانت كلمة صارمة صدرت منه لا تقبل الجدال بنظرات حادة فتنهدت هي بنفاذ صبر ووضعت كفها في الحقيبة الصغيرة تفتش عن خاتمها ولم تجده أو هي من أرادت هذا حيث أجابت عليه بالامبالة وهي تهم بالانصراف
_ مش لاقياه بعدين هبقى اشوفه وألبسه
جذب حقيبتها من يدها بعدما فهم حيلتها وتصنعها ثم فتحها ونظر فيها يفتش بنظره عنه حتى وجده التقطه وامسك بكفها يرفعه ثم يلبسها الخاتم ويهتف في صوت رجولي ساخط
_ ده ميتقلعش تاني مفهوم ولا لا
جلنار بسخرية
_ ليه بقى !!
أجابها في شيء من الغرابة وبعينان ثاقبة
_ عشان يفكرك دايما إنك هتفضلي مراتي ومفيش طلاق ياجلنار
استشاطت غيظا وغل فاقتربت بوجهها منه وقالت في ثبات وأعين تشع شرارة الشړ والمكر
_ هطلق سواء طالت أو قصرت مسيرك هتطلقني واوعى عقلك الباطن يصورلك إنك حتى لو مطلقتنيش لما نرجع هسمحلك تقرب مني أو تلمسني بعينك ياعدنان أنه يحصل
رغم اشتعال نيران الغيظ في داخله من كلماتها إلا أنه أظهر العكس تماما حيث ابتسم ببرود وهمس بخبث وهو يقترب بشفتيه منها ليستفزها
_ هنشوف يارمانتي الموضوع ده لما نرجع إن شاء الله
رمقته بقرف وتمتمت
_ بكرهك
عدنان بوجه مبتسم في نظرات مثلجة
_ عارف وعشان كدا مش هطلقك
احتدم وجهه وتحول إلى الأحمر القاتم من شدة الغيظ وهي تطالعه باستياء مكتوم تود لو تلكمه وتفرغ شحنة غيظها به أو ټخنقه بيديها لكنها أثرت عدم الاصطدام معه الآن في شجار هي ليست في مزاج لتحتمله حيث اندفعت إلى الخارج وهي تتمتم
بعض الكلمات الغاضبة بينما هو
فخرج خلفها وكانت الصغيرة تنتظر في الحديقة وهي تلهو بدميتها وعندما رأت والديها باتجاه السيارة ركضت هي قبلهم واستقلت بالمقعد الخلفي في مكانها المخصص وثواني واستقل عدنان بمقعد القيادة وجلنار بجواره ثم التفتت برأسها للخلف لابنتها وهتفت في لؤم قاصدة إثارة ضيقه
_ استعدي بقى ياهنون عشان أول ما نرجع هنروح نقعد عند خالتو إنتصار
استعت مقلتي الفتاة بدهشة وقفزت فرحا في مقعدها تقول بفرحة
_ هييييه
بينما هو فحدقها بنظرة مشټعلة وهتف
_ مين اللي قال هتروحوا !
جلنار ببرود يماثل بروده معها منذ قليل
_ أنا قولت ! وبعدين حتى هنا عايزة تروح وفرحت أهي إيه هتكسر بنفس بنتك !
عض على شفاه السفلى محاولا تمالك أعصابه وهمس في غيظ
_ ده أنا اللي هكسر دماغك
وثبت الصغيرة على مقعد والدها وهي تعانقه من الخلف وتقول برجاء
_ نروح عند خالتو يابابي اردوك أرجوك
نظر مطولا لابنته فلم يتمكن من المقاومة أمام نظراتها المستعطفة والحاحها فقال بمضض
_ ماشي ياحبيبتي خلاص هنروح
اشاحت جلنار بوجهها للجانب الآخر تخفي ضحكتها الشامتة والخبيثة بكفها ثم رجعت برأسها نحوه بعدما انطلق بالسيارة
وقالت في خفوت مستفز
_ سوق على مهلك يا بيبي
رفع حاجبه مستنكرا كلمتها الأخيرة ورمقها بنظرة متوعدة وهو يتمتم بصوت منخفض سمعته
_ ماشي لما نرجع بس اصبري عليا
ابتسمت في عدم مبالاة وتمتمت لنفسها في نشوة ووعيد ماكر
_ أنت لسا شفت حاجة دي البداية بس !
ثم التفتت برأسها مرة أخرى إلى ابنتها وظلت تتحدث معها وتضحك وهي تشاكسها بينما هو فيتابعهم بعيناه في مرآة السيارة العلوية يتأمل ضحكهم واندماجهم الجميل الذي يدخل السرور على قلبه ودون أن يشعر انحرفت شفتاه قليلا لليسار مفترة عن ابتسامة دافئة ومحبة !!
خرجت من الحمام وهي تلف حول جسدها منشفة كبيرة وتمسك بمنشفة صغيرة أخرى تجفف بها شعرها
بعد لحظاتها الغرامية مع عشيقها السري وبينما تسير في اتجاه المرآة رفعت نظرها بتلقائية فارتدت للخلف في زعر عندما رأت عدنان أمامها يقف عند الباب ويطالعها بعيناه المرعبة والمعاتبة فرت الډماء من عروقها واحست بأنها ستفقد وعيها بعدما ظنته لوهلة حقيقيا لكن سرعان ما اختفى شبحه من أمام عيناها التقطت أنفاسها المتسارعة في فزع وألقت بالمنشفة الصغيرة على الفراش ثم شرعت في ارتداء ملابسها فورا حتى تغادر وبعد انتهائها سمعت صوت رنين هاتفها فأجابت بصوت جاهدت في أظهاره طبيعيا
_ خير ياسمير !
أجابها الآخر في مكر وشيطانية
_ الست أسمهان هانم طلبت مني النهاردة اراقبك وإنتي خارجة وأنا عملت الواجب
يبدو أن اليوم هو يوم الصدمات المخيفة هتفت في ارتعاد
_قولتلها إيه انطق !!
_ اطمني ياست الكل قولتلها إنك في النادي روحتي تشوفي واحدة صحبتك
فريدة بانفعال
_ غبي ممكن تبعت حد على هناك عشان تتأكد ده لو مرحتش هي بنفسها اقفل اخلص خليني ارجع قبل ما تعملي مشكلة الحرباية دي
أنهت معه الاتصال ووضعت الهاتف في حقيبتها ثم اندفعت إلى الخارج وكان نادر يجلس على الأريكة أمام التلفاز ينتظرها حتى تخرج من الحمام وعندما وجدها قد ارتدت ملابسها ومستعدة للرحيل فقال بحيرة وهوويهب واقفا ويقترب منها
_ رايحة فين !
فريدة
_ ماشية يانادر اتأخرت أوي وأسمهان مش هتجبها لبر معايا بعتت سمير ورايا عشان يراقبني والغبي معرفش يتصرف ولو مرجعتش دلوقتي ممكن كل حاجة تتكشف
تأفف بقوة في حرارة ثم أجابها بخنق مغلوبا على أمره
_ تمام يافريدة خلي بالك من نفسك ولما توصلي كلميني وطمنيني
انحنت برأسها عليه وخطفت قبلة سريعة من وجنته متمتمة بعجلة في ابتسامة عاشقة
_ حاضر ياحبيبي هكلمك سلام
أنهت جملتها واندفعت إلى خارج المنزل بأكمله ومنه إلى المقعد الكهربائي حتى ينزل بها للطابق الأرضي بينما هو فظل واقفا بأرضه ورفع كفه إلى شعره يمسح عليه بحنق
خرجوا من إحدى البنايات بعد زيارتهم للطبيب الخاص بجدتها وكانت فوزية تستند عليها وتقول الأخرى بمشاكسة
_ أنا مش فاهمة إيه اللي
بيعصبك بس يازوزا الدكتور قالك بلاش العصبية وإنتي برضوا مفيش فايدة حد معاه ملاك زي
ويتعصب
فوزية بشيء من العصبية
_ بت متنرفزنيش اكتمي خالص ومسمعش حسك
قهقهت بخفة وقالت في نبرة شبه جادة
_ أنا هروح اجيب العلاج من الصيدلية دي وجيالك استنيني هنا يازوزا
هزت رأسها بالإيجاب بعدم حيلة وتابعتها وهي تتجه نحو الصيدلية فبقت واقفة للحظات طويلة بانتظارها وعندما تأخرت فكرت بأن تذهب وتشير لسيارة أجرة إلى حين خروجها سارت بخطواتها الهادئة إلى الشارع وتلفتت حولها تتابع حركة السيارات منتظرة أن يخف اكتظاظها قليلا وعندما وجدت الفرصة فسارت بسرعة تعبر الطريق ولكن فجأة كان هناك سيارة تسير مسرعة وقبل أن تصطدم بها توقفت بقوة كادت فوزية أن تسقط من أثر الصدمة وباللحظة التالية فورا نزل منها شاب في منتصف عقده الثالث وركض نحوها يمسك بذراعها هاتفا بزعر
_ إنتي كويسة يا حجة
فوزية بصوت خاڤت به بعض الزعر
_ كويسة يابني الحمدلله متقلقش
آدم باعتذار ونظرات مرتعدة
_ أنا آسف جدا والله مخدتش بالي
_ ولا يهمك يابني حصل خير
خرجت مهرة من الصيدلية ووقفت تبحث بنظرها عن جدتها وإذا بها تجدها تقف ويمسك بذراعها شاب ويبدو على ملامحها الزعر وأنها كانت على وشك الاصطدام