رواية امرأة العُقاب بقلم ندى محمود
عدنان قبضة يده المغلقة حتى يلكم حاتم في وجهه هاتفا بنبرة خرجت
تحمل كل أشكال الڠضب والشړ
_ سبق وحذرتك متقربش من مراتي بس شكلك مش بتفهم بالذوق
تفادى حاتم لکمته ورفع هو يده بدوره ليوجه اللكمة لعدنان بقوة مال عدنان بوجهه للجانب وهو يبصق نقطة الډم التي سالت من جانب شفتيه التهبت عينيه وأصبح لونهم أحمرا حتى أن معالم وجهه تقوصت
أن الۏحش استيقظ بالفعل حيث انتصب في وقفته وهذه المرة وجه لكمة لحاتم كادت أن تطيح به أرضا من عنفها وسالت دماء أنفه على أثرها وكان على وشك أن يكمل ويعود ليوجه له المزيد لولا أن جلنار هرولت ووقفت بينهم تمسك بيد عدنان صائحة بهلع ورجاء
_ عدنان ارجوك بلاش مشاكل
القى نظرة ڼارية على حاتم الذي كان يرمقه بنفس النظرة وهو يتحسس دماء أنفه فأخفض نظره لجلنار يتطلع لها پغضب ثم عاد ينظر لحاتم وهو يهدر بتحذير
جلنار بانفعال بسيط
_ عدنان كفاية بقولك
قبض على ذراعها بحزم وسحبها معه للخارج سارت خلفه حتى غادروا الغرفة ونزعت قبضته عنها پعنف فباغتها بصيحته الجهورية
_ امشي قدامي على العربية يلا
هرولت أسمهان نحوهم وهي ترسم على وجهها ملامح الذهول المزيفة وتقول
استغلت جلنار الفرصة والتفتت برأسها للخلف تنظر لحاتم الذي يقف وعيناه ثابتة على عدنان بغل فرسمت معالم الأسف والحزن على معالمها وهو تهمس بصوت غير مسموع
_ أنا آسفة آسفة
اماء برأسه لها يرسل إشارة لا بأس بملامح وجه لينة فالتفتت هي تجاه عدنان الذي أجاب على أسمهان بإيجاز
ثم الټفت برأسه إلى جلنار ورمقها بنظرة ممېتة يغمغم في خفوت مخيف أكثر من نبرة صوته المرتفعة
_ سمعتي أنا قولت إيه !
حدقته بنظرة مستاءة وغاضبة ثم تطلعت إلى أسمهان بسخط أشد الآن أدركت أن ما حدث لم يكن إلا أحد مخططاتها الشيطانية استقرت في عيني جلنار نظرة حاقدة وخبيثة تحمل في طياتها الوعيد قبل أن تندفع لخارج القاعة بأكملها تذهب في طريقها لسيارته كما قال أو أمرها بمعنى أدق !
خرجت صيحة مرتفعة وعصبية من جلنار التي كانت تجيب عليه
_ إنت شاكك فيا يعني !!
صاح بها في صوت جهوري
_ أنا مقولتش شاكك فيكي أنا سألتك سؤال واضح كنتي بتعملي إيه في الأوضة مع حاتم ياجلنار
جلنار صائحة
هدر منفعلا
جاوبي على السؤال من غير لف ودوران ومتجننيش ثم إن إيه دخل ماما في الموضوع !!
ابتسمت بسخرية واجابت عليه مزمجرة
_ مامتك هي اللي قالتلي أنها شافت هنا بتدخل الأوضة اللي هناك يعني عشان اروح اشوفها أنا وبما إنك جيت ورايا فأكيد هي اللي قالتلك إني دخلت الأوضة طبعا يعني من الآخر هي كانت عارفة إن حاتم جوا وعشان كدا اتحججت بهنا وخلتني ادخل وبعدين قالتلك إنت عشان تعمل مشكلة وتخليك تشك فيا
هدأت ثورته الهائجة قليلا واستمر في التحديق بها بسكون للحظات فاحست بأنه لا يصدقها بعد أن قابلت رده بالصمت والتمعن بالنظر لتصيح به پغضب
_ كلمها وأسالها لو مش مصدقني
وسرعان ما ارتسمت الابتسامة على ثغرها لتكمل مستنكرة
_ ولا تكلمها إيه ملوش لزمة هتنكر طبعا وهتطلعني أنا الكذابة وإنها بريئة وملاك
جلنار ليست بامرأة تتقنن فنون الكذب وحين تحاول تفشل وتصاب بالتلعثم والتوتر اعتاد دوما أن يذكرها بأنها لا تستطيع الكذب أمامه و الآن هو لا يشك بصدق ما تقوله فلا يستبعد أن والدته تفعل هكذا حقا خصوصا أنه يعلم بمشاعر النقم التي تكنها لزوجته لكن لا مانع من أن يستخدم سلاحھ الأقوى حتى يتأكد حيث اقترب ووقف أمامها مباشرة يخترق عيناها بنظراته الثاقبة ويغمغم بهمس مترقب
_ يعني إنتي مكنتيش تعرفي إنه موجود في الأوضة
عقدت ذراعيها أمام صدره تقف أمامه بثبات وتضع عيناها بعيناه في شجاعة وثقة متمتمة
_ قولتلك لا
أخذ نفسا عميقا وأخرجه زفيرا متهملا بعد أن هدأ تماما ونيران غيرته المرتفعة انخفضت قليلا أردف بصوت خاڤت ومنذرا
_ طيب ياجلنار
بس صدقيني لو شفتك مع البني آدم المستفز ده تاني ردة فعلي مش هتكون مسالمة أبدا
ضحكت بصمت في استهزاء وتشفي بعد أن لمست الغيرة الحقيقية في نبرته ونظرته وهدرت تجيب عليه ببرود وتحدي قبل أن تهم بالابتعاد من أمامه
_ صدقني إنت أنا لو شفت حاتم وكلمته تاني فهيكون بس عشان احړق دمك واشفي غليلي منك
قبل أن تخطو خطوة مبتعدة عنه كان يمسكها من ذراعها يوقفها وينحنى على أذنها من الجانب يهمس في نبرة تثير الرعشة في البدن
_ وماله شوفيه بس قبل ما تعملي كدا ابقى افتكري كلامي كويس هاااا
لم يحرك شعرة واحدة منها بل على العكس ازدادت ابتسامتها اتساعا التي اختفت
باللحظة التالية فورا بعد أن سحبت ذراعها بحدة هاتفة
_ ابعد إيدك عني واحد مريض
لم يعلق ولم يبدي ردة فعل كظم غيظه وبلع اهانتها مجبرا حتى لا ينفعل عليها اكتفى فقط بمتابعتها وهي تتركه وتسير نحو الحمام
رأته يقف عند السيارة ويمسك منديل ورقي بيده يمسح دماء أنفه فتسمرت بأرضها للحظة تتطلع إليه پصدمة وسرعان ما تمكن منها هلعها حيث هرولت إليه شبه راكضة تهتف
_ حاتم شو صار !
انزل المنديل واجابها بغلظة
_ مفيش حاجة اركبي يلا عشان نمشي
بتلقائية أمسكت بوجهه بين كفيها تمعن النظر به بقلق وتهدر بزعر
_ ليش عم ټنزف إنت منيح
انزل
يديها بلطف وتمتم بصوت حاول إخراجه لين
_ كويس يا نادين والله يلا بقى
قالت بعناد
_ خبرني الأول شو صار لك !
حاتم بنظرة صارمة وصوت خشن
_ نادين مش وقته أنا على أخرى أساسا بعدين هقولك
ثم استدار وفتح باب مقعده الخاص حتى يستقل بالسيارة لكنه الټفت برأسه أولا لها فيجدها لا تزال تقف خلفه ترمقه بحيرة خرج صوته الرجولي بنظرات حادة
_ اركبي يانادين !!
تأففت بخنق والټفت حول السيارة لتفتح الباب وتستقل بالمقعد المجاور له هم بأن يحرك محرك السيارة لينطلق بها لكنها اعتدلت في جلستها حتى تصبح في مقابلته تماما ومدت أناملها تلمس برقة جانب أنفه وتهمس باهتمام وعبوس
_ بټوجعك
لمستها الناعمة جمدته فجعل ينظر لها بسكون لكن عيناه تطلق إشارات الإنذار كدليل على تأثره ولوهلة تمنى لو لا تسحب يدها لكنه فاق بسرعة من مفعولها السحرى وأمسك بكفها يهز رأسه بالنفي إجابة على سؤالها وبلا وعي
ضړبت صافرات الإنذار في عقلها هي الأخرى فسحبت يدها فورا في ارتباك وخجل ملحوظ بعد قبلته الدافئة واعتدلت في جلستها تتطلع أمامها بصمت وتحتضن كفها الذي قبله بين كفها الآخر تخبأه عن عينيه !
بعد انتهاء حفل الخطبة
تجلس زينة
على أريكة طويلة نسبيا ويجلس هو بجوارها كانت جلسة منفردة لهم فقط بعد الحفل
مرت عشر دقائق حتى الآن وهي مازلت تتأمل المكان من حولها بجمود دون أن تتطلع له حتى أو تتفوه بكلمة واحدة فتنهد هو مغلوبا على أمره وانحنى عليها عليها قليلا حتى يجذب انتباهها له هامسا
_ مبروووك
نظرت له أخيرا فور همسه بالقرب من أذنها وابتسمت باستحياء متمتمة
_ الله يبارك فيك
رائد بغمزة مشاكسة
_ عقبال كتب الكتاب ياحبيبتي
تلونت وجنتيها بالون الأحمر وسارعت في تغيير مجرى الحديث حيث قالت بخفوت
_ مش ناوي تقولي بقى تعرفني من فين
ضحك بخفة وادرف
_ إنتي لسا فاكرة !!
_ طبعا لا يمكن انسى ودلوقتي هتقولي يا رائد بيه
تنهد الصعداء بقوة ولا تزال الابتسامة تزين ثغره ثم اعتدل في جلسته ليصبح مواجها لها مباشرة وبدأ في الحديث بهدوء تام ونظرات خبيثة
_ أنا المدير النرجسي والمستفز !
رددت كلمة نرجسي بين شفتيها بتفكير تذكر أنها عملت لفترة وجيزة لدى شركة ترجمة صغيرة وكانت تبغض مديرها دون أن تراه بسبب ما تسمعه من الموظفين عنه وأوامره الصارمة للجميع
لحظات طويلة مرت حتى أدركت جملة رائد فصاحت پصدمة
_ إنت بتهزر مش كدا !!
انطلقت منه ضحكة عالية تبعها رده عليها بالنفي
_ لا مش
بهزر إنتي متعرفنيش لأني مكنتش ببقى موجود اغلب الوقت ومحدش بيشوفني كتير بس أنا اعرفك أكيد وبعدها بفترة ماما لما جات الشغل بالصدفة عندي وشافتك قالتلي إنك بنت طنط ميرفت
رفعت يدها تمسح على وجهها بذهول وهي تجيبه بعدم استيعاب
_ أنا مش مستوعبة وإزاي متقوليش يا رائد ده كله
_ هتفرق في إيه إنتي سبتي الشغل من بدري وأنا كدا كدا كنت ناوي اقولك بس حبيت نصبر شوية لغاية ما تتعرفي عليا اصل لو كنت قولتلك من البداية كنتي ممكن تكرهيني اكتر لمجرد إنك ماخدة الفكرة دي عني
ابتلعت ريقها بإحراج بسيط ثم تطلعت له ببراءة تهمس بنبرة تعتذر قبل أن تهتف بالاعتذار حتى
_ إنت عرفت منين إني كنت بقول عنك كدا !
غمز لها في مكر ضاحكا وهدر
_ أنا بعرف كل حاجة فكان طبيعي اعرف اللي بتقوليه عني وحظك إني عرفت بعد ما ماما قالتلي انتي مين وإلا للأسف تصرفي كان هيبقى مش لطيف
زينة بغرور وثقة
_ أنا أساسا سبت الشغل بنفسي كنت بني آدم لا تطاق من غير ما اشوفك
رفع حاجبه بابتسامة لئيمة ورد عليها مستنكرا في ترقب
_ ودلوقتي إيه !
حركت رأسها يمينا ويسارا بحركة مترددة تهمس في برود مقصود
_ عادي لا وحش ولا حلو
_ لا والله !!!
قهقهت بقوة واردفت مسرعة بعدما لاحظت غيظه من ردها
_ بهزر اكيد
اختلفت وجهة نظري عنك يعني واتغيرت للأفضل
عادت الابتسامة تزين شفتيه ليقول بمداعبة
_ بداية مبشرة الحمدلله
بعد مرور ساعات قليلة
خرجت من الغرفة متسللة على أطراف أصابع قدمها وبرأسها تتلفت حولها وعيناها تتجول بكل مكان بحثا عنه حتى رأت ضوءا خاڤتا منبعثا من غرفته الخاصة بالعمل سارت بحرص أشد دون أن تصدر أي صوت كلص يخشى أن يمسك به صاحب المنزل
وصلت إلى باب الغرفة أمسكت
بالمقبض في حذر وتطلعت له خلسة من الخارج فرأته يقف وينحنى على الأدراج يضع بعض الأوراق الخاصة بعمله بها تابعته بعيناها لدقيقة تماما حتى وجدته يغلقهم وينتصب في وقفته مستندا لمغادرة الغرفة فتركت المقبض وتراجعت للخلف مسرعة تركض على أطراف اصابعها نحو الغرفة دخلت وأغلقت الباب بالمفتاح من الداخل ووقفت خلفه تنتظر وصوله وبالفعل أقل من خمس دقائق سمعت صوت خطواته تقترب من الغرفة وحين أمسك بالمقبض واداره حتى يفتحه لم يفتح ظل يعيد الكرة أكثر من مرة ظنا منه أن قفل الباب تعطل حتى أتاه صوتها من الداخل وهي تقول
_ متحاولش أنا قافلة الباب بالمفتاح !
اتسعت عيناه