السبت 30 نوفمبر 2024

رواية امرأة العُقاب بقلم ندى محمود

انت في الصفحة 62 من 150 صفحات

موقع أيام نيوز

بريبة وهيمن عليه الصمت للحظات حتى رد عليها بعدم فهم 
_ نعم !!! 
جلنار بابتسامة متشفية وبحدة تخرجها باحترافية في صوتها الناعم 
_ زي ما سمعت مش هتقعد معايا في نفس الأوضة ياعدنان روح نام في أي أوضة تاني أو نام على الكنبة برا 
تمالك أعصابه ورد عليها بثبات انفعالي مصطنع 
_ افتحي الباب ياجلنار وبلاش شغل الأطفال ده 
صاحت به من الداخل پغضب 
_ شغل أطفال !!! 
عدنان بنبرة محذرة وهو يصر على اسنانه بغيظ 
_ افتحي ومتخلنيش اعلي صوتي والبنت نايمة في الأوضة اللي جمبنا 
جلنار ببرود مقصود وهي تضحك بتشفي دون أن يراها 
_ وتعلي صوتك ليه أنا قولتلك الحل البيت كبير الحمدلله والأوض كتير 
ضړب بقبضة يده القوية على الباب يهتف باسمها مصحوبا بزمجرته 
_ جلنار 
فزعت قليلا من ضړبته لكنها لم تبالي وقالت هذه المرة پغضب حقيقي متخلية عن برودها 
_ من هنا ورايح مش هتنام معايا في أوضة واحدة ياعدنان إنت في أوضة وأنا في أوضة كفاية أوي لغاية كدا 
انفعل بشدة فعاد يضرب على الباب من جديد محاولا إخفاض نبرة صوته مما جعله نبرته تخرج متحشرجة بشكل مخيف 
_ هو إيه ده اللي كفاية افتحى الزفت ده بدل ما اكسره فوق دماغك 
جلنار بإصرار وعناد 
_ مش هفتح واللي عايزه اعمله 
كور قبضة يده ورفعها لأعلى في حركة تلقائية كمحاولة
شبه بائسة
لتمالك انفعالاته ثم رد عليه كاظما غيظه بصعوبة 
_ ماشي ياجلنار لينا كلام الصبح 
سمعت صوت خطواته وهي تبتعد عن الغرفة فابتسمت بخبث ثم أصدرت تنهيدة طويلة واتجهت إلى الفراش لتتسطح فوقه وتتدثر بالغطاء مستعدة للنوم 
في صباح اليوم التالي 
توقفت مهرة أمام مقر الشركة ترفع نظرها لطول ارتفاع البناء وهي تطلق تنهيدة طويلة وصلها الرد بالأمس وحصلت على الموافقة في العمل وهاهي في أول يوم لها الآن 
كانت ترتدي بنطال عريض قليلا من اللون الأبيض يعلوه بادي كات وفوقه جاكت جينز من اللون البني والحذاء الرياضي المفضل لها ترتديه أما شعرها فكانت ترفعه لأعلى وتترك نصفه ينسدل من الخلف ليأخذ شكل التسريحة المشهورة ذيل حصان 
أخذت تسير في فناء الشركة الواسع من الداخل حتى وصلت للمصعد الكهربائي وقفت تنتظر المصعد وكان يقف بجوارها آدم الذي لم تلاحظه حين الټفت هو للجانب برأسه ورآها امعن النظر بها للحظة مبتسما قبل أن يعود برأسه لوضعها الطبيعي ويتمتم بجدية بسيطة وهو يتفقد ساعة يده 
_ الساعة 9 وربع والمفروض تكوني هنا 9
نظرت له مدهوشة تتساءل متى جاء هذا ! فابتسمت بلطافة وغمغمت معتذرة 
_ أسفة الطريق كان زحمة شوية بس مش هتتكرر تاني 
رمقها بطرف عيناه بنظرة غريبة لم تكن صارمة لكنها مريبة حتى انفتح باب المصعد فظلت هي واقفة تنتظر أن يدخل هو
أولا فوجدته يتنحى جانبا ويبسط يده تجاه المصعد يشير لها بأن
تدخل فابتسمت له بطريقتها المرحة المعتادة ودخلت أولا ثم هو بعدها 
تابعته وهو يضغط على رقم الطابق فانحنت عليه بعفوية تهمس في قلق ملحوظ 
_ هو الاسانسير ده آمان 
الټفت لها برأسه وهدر بتعجب 
_ آمان إزاي يعني ! 
هدرت بسرعة تشرح له مقصدها 
_ أصل أنا ركبت اسانسير في مرة وعطل بيا وكنت وحدي ومحدش حس بيا غير بعدها بساعتين بس الحمدلله اليوم ده كنت جاية من فرح وكنت مشترية أكل كتير وحلويات فضلت اتسلى عليهم وانا محپوسة لولا كدا كانوا دخلوا لقوني انتقلت لرحمة الله من الخۏف بس تع 
كتم على فمها بيده وهتف بحدة وانفعال بسيط 
_ هشششش ايه راديو !! أنا مالي إنتي هتحكيلي قصة حياتك 
تطلعت إليه بعينان مضطربة قليلا وانزلت يده تبتسم ببلاهة مغمغمة 
_ على فكرة لسا التشويق جاي أنا محكتلكش لما اشتغل حصل إيه 
_ مش عايز اعرف يامهرة 
زمت شفتيها بقرف وردت عليه متذمرة 
_ دي مش اخلاق مديرين على فكرة 
لم يعطيها اهتمام وتجاهلها بينما هي فانتبهت للجاكت الذي يرتديه وسرعان ما هدرت بعفوية 
_ بس حلو الجاكت الجلد ده تعرف أنا كان معايا واحد زيه بس اااا 
آدم بغيظ من ثرثرتها الكثيرة 
_ مهرة 
ابتلعت بقية الكلمات في جوفها ومطت شفتيها بيأس ومضض ثم اشاحت بوجهها للجانب الآخر وهي تتمتم بصوت غير مسموع 
_ عدو البهجة بس يلا هستحمله عشان وسامته 
بينما آدم فتأفف بعدم حيلة مغمغما بينه وبين نفسه 
_ أنا اللي جبته لنفسي والله 
انفتح

باب المصعد وخرج هو أولا يسير بخطوات سريعة تجاه مكتبه هرولت هي خلفه تنده عليها بتلقائية 
_ آدم 
توقف على أثر صوتها يسمعها تهتف باسمه لأول مرة الټفت لها برأسه فضحكت هي ببلاهة بعدما أدركت ما تفوهت به للتو وغمغمت بخفوت يحمل القليل من الإحراج 
_ بيه !!
تحدثت بجدية وامتنان حقيقي مع ابتسامة صافية فوق ثغرها 
_ شكرا يعني إنك وافقت توظفني 
رأت ابتسامته اللطيفة تظهر على وجهه أخيرا وهو يوميء برأسه لها كرد على شكرها دون أن يتحدث بادلته هي الإبتسامة حتى استدار وأكمل طريقه فاستدارت هي الأخرى واتجهت لمكان عملها 
تتجول أمامه منذ الصباح بطبيعية وبرود يثير الأعصاب تتجاهله وتتصرف بأسلوب جديد مستفز وهو لا يتمكن من احتجازها حتى يضع حد لما تفعله يكتم غيظه منها بصعوبة ولا يستطيع حتى الاقتراب منها بسبب وجود هنا 
عيناه لا تنزل عنها في كل خطوة تخطوها تلازمها نظراته
المشټعلة والمتوعدة انتبه لاختفاء صغيرته فهب واقفا واتجه لغرفتها رآها تجلس فوق فراشها ومن حولها العابها تلعب بهم باندماج ابتعد من أمام غرفتها واندفع لجلنار يقبض على ذراعها ويجذبها معه للغرفة دفعها برفق للداخل ودخل خلفها ثم اغلق الباب ليسمعها تهتف باستياء وعدم فهم 
_بتعمل إيه !! 
تقدم نحوها بأعين ملتهبة فتقهقرت للخلف بتلقائية حتى اصطدمت بالحائط خلفها لا تنكر أن حالته الغريبة اخافتها قليلا لم تكن تتوقع إنه سيغضب هكذا وجدته يستند بكفه على الحائط بجانب رأسها وينحنى عليها يهتف أمام وجهها وحرارة غضبه تشعر بها في وجهها 
_ أنا اللي المفروض اسألك إيه اللي بتعمليه ده !!!
اضطربت بشدة فحاولت أن تعبر من الجانب الفارغ حتى
تخرج لكنه اغلق الطريق عليها من الجهتين بعد أن رفع يده الأخرى يسندها على الحائط من الجانب الآخر بجوار رأسها ويتمتم بغيظ وڠضب 
_ إنتي في أوضة وأنا في أوضة ! ده مين اللي طلع القرار ده !
جلنار بثبات وحزم 
_ أنا 
عدنان بصوت غليظ 
_ بس أنا مش موافق 
هدرت ساخرة بعصبية 
_ وأنا مخدتش رأيك مش عايزة اقعد معاك في أوضة واحدة وأكيد مش هنتظر موافقتك 
صاح بها مستاءا 
_ يعني غلطانة وقوية كمان ! 
صړخت منفعلة 
_ أنا مش غلطانة وإنت عارف مامتك هي اللي خططت ومكنتش أعرف إن حاتم موجود في الأوضة
أساسا 
مسح على وجهه متأففا پغضب هادر واجابها بنفاذ صبر 
_ وأخرة تصرفاتك دي إيه يعني !! 
سنحت لها الفرصة لتتلذذ به على طريقتها حيث عقدت ذراعيها أمام صدرها وهدرت بشموخ 
_ تعتذر مني 
_ ليه ! 
كان سؤال شبه استنكاري منه فردت عليه بقوة 
_ عشان اللي عملته امبارح مثلا !
_ عملت إيه !! 
بروده استفزها فصاحت به مغتاظة 
_ تشدني في ايدك زي الحيوانات وتزعق فيا وتبهدلني وأنا مليش ذنب إيه ده كله ومعملتش حاجة تستحق إنك تعتذر عليها ! 
سكت لثواني وهو يحدق بها بنظراته الثاقبة وبالأخيرة هتف باقتضاب من أسلوبها الفظ يحقق لها ما تريده 
_ حقك عليا أنا اتعصبت عليكي فعلا امبارح 
هزت رأسها بالرفض تخفي ابتسامتها المنتصرة وتجيب عليه بجفاء 
_ تؤتؤ أنا آسف مش حقك عليا 
عض شفاه السفلى بغيظ مكتوم وكور قبضة يده ثم ضربها على الحائط بجانب رأسها في خفة رغم أنه يرى نظرات التحدي والسعادة في عيناها إلا أنه غمغم كالمجبور 
_ أنا آسف حلو كدا !!! 
هزت رأسها بالنفي متمتمة في ثبات 
_ لا اعتذارك وحدك مش كفاية 
عدنان قاطبا حاجبيه باستغراب 
_ امال عايزة إيه 
هدرت بابتسامة صفراء تضمر خلفها المكر 
_ مامتك أسمهان هانم تعتذر مني 
وقبل أن ترى ردة فعله على ملامحه أو تسمع رده حتى استكملت عاقدة ذراعيها أمام صدرها 
_ وحاجة تاني كمان 
لم تسمع منه أي رد فقط رأت قسمات وجهه متطلعا لها ببعض الدهشة رافعا حاجبيه كأنه ينتظر منها أن تبدأ في طلبها الثاني أو أمرها بمعنى أدق فأخذت هي نفسا عميقا وتطلعت في عيناه بقوة تجيبه بثقة 
_ تعتذر من حاتم 
هنا بالفعل احسته كأنه قدر يغلى من الڠضب 
_ اعتذر مني واعتذرت هتخلي مامتك تعتذر وعديتها لكن إنتي شكلك مينفعش معاكي الأدب 
_ وفيها إيه لما تعتذر منه أنت غلطت في حقه والمفروض تعتذر 
خرجت منه صړخة هادرة پغضب حقيقي هذه المرة 
_ جلنار متختبريش صبري ومليون مرة اقولك متجبيش سيرته قدامي خليني هادي معاكي كدا افضل
_ عدنان ابعد عني 
هز رأسه بالرفض في استمتاع فاستشاطت غيظا ورفعت قدمها تضغط على قدمه بقوة بحركة تلقائية منه لانت قوة قبضته عليها فدفعت يده وهمت بأن تغادر مسرعة لكنه لحق بها 
_ بابي مامي 
لابنتها فتقابلها بابتسامة متصنعة ثم تمر وتعبر من جوارها مغادرة اقتربت هنا من أبيها الذي حملها فوق ذراعيه وهمس بضيق من توقيتها الخطأ دوما في القدوم 
_ دي تاني مرة ياهنايا كدا هبدأ
أشك إنك متفقة مع أمك 
ردت عليه بعدم فهم وبراءة جميلة 
_ مش فاهمة يا بابي 
عدنان متنهدا بعدم حيلة 
_ اجمل بابي من اجمل هنا في الدنيا
ارتفعت ابتسامتها لشفتيها الصغيرة ولفت ذراعيها حول عنق أبيها تعانقه بقوة فيبادلها هو العناق لاثما شعرها ووجنتيها بحب

في تمام الساعة الثامنة مساءا 
كانت أسمهان تجلس بغرفة الصالون على مقعدها الوثير تمسك بيدها كتاب تقرأ به في تركيز وبيدها الأخرى كوب عصير فراولة طازجة رفعت نظرها عن الكتاب عندما سمعت صوت الباب ينفتح وفور رؤيتها لعدنان الذي دخل واغلق الباب خلفه تركت الكتاب وقالت بحنو وسعادة 
_ اهلا ياحبيبي تعالى 
تحرك باتجاه الأريكة الواسعة المقابلة لمقعدها وجلس فوقها متطلعا لأسمهان پغضب دفين فضيقت عيناها بحيرة وسألته 
_ مالك ياعدنان ! 
لوى فمه بحركة تلقائية منه حين يكون مستاء وهتف بحزم 
_ ممكن تفهميني إيه اللي عملتيه امبارح ده ياماما !!! 
توترت في باديء الأمر وسرعان ما تخطت الأمر تجيبه بتصنع البراءة 
_ عملت إيه امبارح ! 
عدنان بعصبية بسيطة 
_ ماما إنتي فاهمة قصدي كويس هل التصرفات دي تليق بيكي يا أسمهان هانم أنا عارف إنك مبتحبيش جلنار بس متوصلش بيكي للدرجة دي اللي عملتيه امبارح ده ملوش غير تفسير واحد هو إنك معملتيش حساب ليا نهائي ده إهانة ليا أنا قبل ما يكون كره منك لجلنار 
تأثرت
قليلا بتوبيخ ابنها لكنها لم ترضخ حيث صاحت بسخط تخفي ورائه اضطرابها من كشف مخططها 
_ هي قالتلك إيه بنت الرازي وكمان إنت صدقتها وجاي تحاسبني !!
عدنان بانفعال بسيط 
أنا مش بحاسبك أنا بقولك إنك غلطتي وغلطتي في حقي أنا عايزة تخليني أشك فيها وأنها هي كمان پتخوني ! إنتي آخر شخص اتوقع منه تصرف زي ده يا أمي
لان قلبها وحزنت
61  62  63 

انت في الصفحة 62 من 150 صفحات