منقذي الزائف بقلم بتول علي
طويلة
تنهدت آية بإرهاق وهي تستلقي فوق سريرها وتضع الغطاء فوقها فقد تعبت كثيرا وكل ما كانت تفكر فيه في هذه اللحظة هو نيل قدر من الراحة
وأخيرا خلصت دي بقت عيشة تقرف يعني هو حبك النهاردة يعني يا حماتي أنك تروقي شقتك كلها وتظبطي الكراكيب اللي فيها!!
أغمضت آية عينيها واستعدت لتنعم بقسط من النوم ولكن منعها من ذلك رنين هاتفها وعندما نظرت إلى الشاشة اتسعت عينيها بذهول بعد ما رأت أن هناك ثلاثة وعشرون اتصالا لم يتم الرد عليهم وجميع هذه الاتصالات كانت من شادي
زاغت نظرات شادي وكز على أسنانه صائحا پحقد
أنا مش عارف إمتى هيجي اليوم اللي نخلص فيه من كل القرف ده! إحنا بقالنا كذا سنة بنستنى الوقت اللي هنقدر نتجوز فيه ونعيش مع بعض!
شعرت آية بالحزن الشديد لأنه كلما اقتربت من تحقيق هدفها حتى يكون من السهل عليها الزواج بالرجل الذي تحبه تتعقد الأمور وكل ذلك بسبب مروة التي تقف بينها وبين أحلامها
قالتها آية ودموعها تنهمر نتيجة لتألم قلبها لأنه ابتعد عن رفيق روحه وكل ذلك بسبب الظروف اللعېنة التي أجبرتهما على الفراق
تذكرت آية عندما التحقت بالجامعة فقد تعرفت حينها على شادي الذي كان يكبرها بعام واحد ونشأت بينهما قصة حب قوية وتعلق كل منهما بالأخر وصارت لديهما رغبة قوية في الزواج وتكملة حياتهما سويا وهما بجوار بعضهما
اعترضت آية على قرار والدها وحاولت أن تثنيه عن رأيه ولكنه أصر على موقفه ووضح سبب رفضه لشادي قائلا بأنه ليس مناسبا لها
سألت آية والدها بصوت متحشرج وهي تذرف دموع القهر من مقلتيها
طيب قولي أنت ليه شايف شادي مش مناسب ليا! اديني سبب واحد مقنع يخليك تقول الكلام ده!
قلبها فقد ظن أن هذا الحب مجرد أوهام مراهقة وسوف يزول مع مرور الأيام
ده واحد كحيان وكمان من الأرياف وأنت مش هتقدري تتأقلمي على العيشة في الريف بعد ما فضلت عايشة أكتر من عشرين سنة
هنا في المدينة ده غير أنه مش هيقدر يلبي ليك كل طلباتك ولو اتجوزتيه هتعيشي حياة صعبة أوي معاه
به عماد بشدة وأعطاه موافقته
صړخت آية واعترضت ولكنها لم تتمكن من إيقاف تلك الزيجة التي تمت وانتهى الأمر وصارت زوجة لياسين أمام الجميع رغم رفضها لهذا الأمر
كان ياسين يحب آية بشدة ويعاملها بلطف ولكن قلبها كان معلقا بشادي الذي لم تتمكن من نسيانه حتى بعدما تزوجت وأنجبت طفلها وصار هدفها الآن هو الاستحواذ على جميع ممتلكات عائلة الرجل الذي وقف حائلا بينها وبين حبها الحقيقي حتى تتمكن من الزواج بشادي الذي لا تسمح له إمكانياته المادية بشراء منزل وبناء عش زوجية يليق بها
أنا عارفة كويس أن زيارتي هتضايقك بس أنا جيت عشان أباركلك وأديك هدية صغيرة
رددت هبة باستهزاء وهي تعقد ذراعيها أمام
هدية ومنك أنت!! ده أنا أصدق أن الشمس طلعت من الغرب ولا أصدق أن واحدة زيك جاية تباركلي وتهاديني بعد ما اتخطبت لابن سلفتها اللي كانت بتكرهها
أضافت هبة بضيق بعدما أطلقت تنهيدة طويلة
وبعدين تطلع إيه بقى الهدية دي اللي خليتك تتعبي نفسك وتجيلي مخصوص لحد باب بيتي عشان تديهالي!
فتحت أماني حقيبتها وأخرجت علبة صغيرة ثم أزاحت الغطاء أمام عيني هبة التي
رأت خاتما ذهبيا يمتاز بمظهر أنيق للغاية
هتفت أماني وهي تمسك بالخاتم وتتأمله بحزن
دي كانت الهدية اللي أحمد فضل يحوش في تمنها من شغله طول السنة اللي فاتت عشان يقدر يجيبهالك ويفرحك في عيد ميلادك
تطلعت هبة إلى الخاتم بقلب مشتت وعقل يحذرها من الاستماع إلى أماني وقد أخذ يقنعها أن هذه خدعة منها حتى تفسد عليها فرحتها بخطبتها
هزت هبة رأسها عدة مرات وهي تنهر قلبها الذي رق لبضع ثوان فهي لن تضعف وسوف تتصدى لكل من يحاول التحايل عليها لصالح أحمد الذي دمر حياتها
صاحت هبة بصرامة وهي تشير بسبابتها نحو باب شقتها
اتفضلي لو سمحت يا مدام أماني اطلعي برة بيتي وخدي هديتك المقرفة دي معاك وإلا هصوت وهلم عليك الجيران وياريت متخلينيش أشوف وشك مرة تانية
أرادت أماني أن تتحدث ولكن منعها صړاخ هبة التي أصرت على طردها دون أن تستمع إلى كلامها
بصقت هبة على الأرض بعدما غادرت أماني ثم أغلقت باب شقتها وجلست على الأريكة تفكر في كل كلمة سمعتها قبل قليل وفي هذه اللحظة تذكرت أحمد الذي أخبرها أنه يستعد ويبذل قصارى جهده حتى يجهز لها مفاجأة تليق بعيد ميلادها
أمسكت هبة بالمزهرية وألقتها أرضا وهي تصرخ بقوة وكأنها تعاقب قلبها الذي يدق كلما تذكرت أحمد أو جلب أحدهم سيرته أمامها ولو عن طريق الخطأ
حرام عليك بقى يا أخي اطلع من دماغي أنا خلاص زهقت منك ومش عارفة أعيش مرتاحة أنا مش عارفة أعمل إيه في ذكرياتك اللي بتلاحقني حتى وأنت في غيبوبة
ومضات وذكريات كثيرة أخذت تتدافع في عقل أحمد مرة واحدة لدرجة أصابت رأسه بالألم الشديد وجعلته يهزه يمينا ويسارا حتى يتخلص من هذا الۏجع الذي شعر أنه سوف يفتك به
أخذ يرى أمامه ذكرى اللحظة التي التقى بها بهبة وأخرى عندما أخبرها أنه يحبها وسوف يضحي بكل شيء من أجل إسعادها
تذكر تلك اللحظة التي أخذ يخبرها بها كم أن بسمتها قد أنارت عتمة روحه وبددت ظلمته ولكن اختفى هذا النور بعدما هجرته وتركت فؤاده يبكي رحيلها
تذكر عندما أخذ يلومها على تركها له بعد كل ما فعله من أجلها واستنكر موقفها بقوله كيف تظنين أنني خدعتك وأنا من كنت أسيرا لعينيك ورهن إشارتك ولم أكن أريد سوى أن أرى ابتسامتك التي تريح قلبي وتجعلني أسعد لأنني أرى نفسي سندك في هذه الحياة!
لقد أصابه الجنون عندما أخبرته أنها سوف تصبح لغيره وفقد صوابه وأخذ يتوعد لها بكلمات وېهدد بأمور وهو يعلم جيدا أنه لن ينفذها ولكنه فعل ذلك حتى لا تتركه
ازدادت حدة الألم الذي يجتاح رأسه وسط هذه العتمة التي تحيط به وشعر أنها نهايته ولكن فجأة انقشع هذا الظلام واستطاع أن يفتح جفنيه مناديا بهمس خاڤت باسم هبة
أخذ أحمد ينظر حوله وهو يشعر ببعض الدوار واستنتج من مظهر تلك الغرفة التي ينام بها أنه متواجد داخل مستشفى
ولكنه لا يفهم ما الذي أتى به إلى هذا المكان!
مرت بضع دقائق قبل أن يتذكر أحمد الحاډث الفظيع الذي جرى معه وأدرك أن هذا هو سبب جلبه إلى هذه المستشفى
دلف الطبيب إلى الغرفة حتى يقوم بإجراء الفحص الروتيني ولكنه تفاجأ عندما وجد أحمد يفتح عينيه وينظر إليه
هتف الطبيب بحدة فهو يعلم جيدا بالشيء الغير أخلاقي الذي قام به أحمد مع هبة
حمد الله على السلامة يا أستاذ أحمد وأخيرا صحيت من غيبوبتك اللي استمرت كذا شهر
سيطر الذهول على أحمد بعدما علم أنه ظل راقدا على هذا السرير لفترة طويلة وتملكت منه الصدمة بعدما دخل الضابط إلى الغرفة وسمعه يهتف بصرامة
بما أنك فوقت فمفيش أي حاجة هتحميك دلوقتي من السچن اللي تستحقه أنت وأمثالك
الفصل العاشر
سقط الهاتف من يد أماني من هول المفاجأة التي سمعتها فقد استجاب الله لدعواتها واستيقظ ابنها أخيرا من الغيبوبة
شاهد رضا تبدل حال زوجته بعدما أتاها هذا الاتصال وسألها عما أخبرها به المتصل ولكنه لم يتلق منها أي جواب فأمسك بالهاتف وتحدث مع المتصل وعلم بالخبر الذي أصاب زوجته بالذهول الذي جعل يتخشب لبضع ثوان
سالت دموع الفرح من عيني أماني وهي تردد بابتسامة عريضة لم تظهر مثلها على وجهها منذ فترة طويلة
ألف حمد وشكر ليك يا رب أحمد فاق يا رضا ربنا جبر بخاطرنا ورجع ابننا تاني
يلا يا أماني جهزي نفسك عشان نروح نشوفه لأن زمانه دلوقتي بيسأل علينا وإحنا لازم نكون جنبه عشان نشرحله كل حاجة حصلت الفترة اللي فاتت قبل ما يعرف التفاصيل من أي حد تاني
قالها رضا يحث زوجته على التحرك وتجاوز حالة الذهول التي تمكنت منها ونجح في ذلك بالفعل فقد سمع صوتها وهي ترد بسرعة
حاضر يا رضا اديني كام دقيقة وهكون جاهزة عشان نروح لأحمد ونشوفه لأنه وحشني أوي
استغرقت أماني عشر دقائق فقط في تبديل ملابسها وقد أنهى رضا أيضا تجهيز نفسه ثم خرجا سويا من
المنزل واستقلا السيارة متوجهين إلى المستشفى
سمح لهما الضابط برؤية أحمد الذي تم نقله إلى غرفة أخرى بعدما تم التأكد من تجاوزه لمرحلة الخطړ
ابتسم أحمد بعدما رأى والديه أمام عينيه وخاصة أماني التي أسرعت نحوه تضمه إليها بلهفة أم اشتاقت لصغيرها الذي غاب عنها لفترة طويلة
ضم أحمد والدته مرددا بحيرة لازمته بعدما رأى الضابط وسمع كلامه المريب
إيه اللي حصل بالظبط يا ماما وليه فيه عساكر واقفين قدام أوضتي وعايزين يقبضوا عليا أول ما أخرج من هنا!
التفتت أماني نحو رضا تستنجد به من خلال نظراتها أن يتطوع ويجيب على هذا السؤال بدلا منها
استجاب رضا لرغبة زوجته وأجاب على سؤال ابنه بقوله
في حاجات كتيرة حصلت لما أنت عملت الحاډثة ودخلت في الغيبوبة ومن ضمن الأمور دي أن هبة بلغت البوليس عنك بعد ما اتنشر ليها صور متفبركة في أوضاع مش كويسة واتهمتك أنت بكل اللي حصلها لأنك هددتها أنك هتعمل معاها كده لو هي صممت على موقفها ورفضت ترجعلك
رد أحمد باستنكار شديد يشوبه الذهول مما يسمعه
صور إيه اللي أنت بتتكلم عليها يا بابا! أنا لا فبركت حاجة ولا نشرت حاجة ولا أعرف أي حاجة في أي حاجة
تغضنت ملامح رضا وأخذ يفكر قليلا قبل أن يردف بتساؤل متذكرا حديث زوجته عندما حاولت إقناعه بفكرة استحالة قيام أحمد بإيذاء هبة بهذا الشكل البشع
هو أنت يا أحمد مش هددت هبة وقولتلها أنك هتفبرك صورها وهتنشرها