رواية امرأة العُقاب بقلم ندى محمود
البناية ويبدو أن تتردد كثيرا لهنا
انتظرت حتى دخلت واستقلت بالمصعد الكهربائي واختفت عن انظارها فالتقطت شالا من نفس لون فستانها ووضعته على أكتافها ثم انحنت على ابنتها وغمغمت بحنو
_ خليكي هنا يا ماما أنا هروح عند عمو اللي واقف هناك ده وهرجعلك علطول متتحركيش من العربية
هزت هنا رأسها بالموافقة وتمتمت
فتحت جلنار باب السيارة ونزلت ثم عبرت الطريق متجهة إلى البناية وعند وصولها وقفت أمام الحارس الذي طالعها بنظرة متفحصة بسبب فستانها وهيئتها التي توحي بأنها قادمة من إحدى الحفلات الصباحية
_ اؤمري ياست هانم اقدر اساعدك في إيه !
هتفت جلنار بنظرة دقيقة
_ هي اللي طلعت دلوقتي دي طالعة لمين
_ أيوة
نزل بنظره إليها وبنظرته الخبيرة فهم أنها
من الطبقة المخملية فقال بنظرة لئيمة رافضا
_ آسف ياست هانم بس مقدرش افيدك بحاجة
اطالت جلنار التحديق به حتى توقعت ما يرمي إليه بنظراته اللئيمة فمدت يدها في حقيبة يدها وأخرجت نقود ثم وضعتها في يده بنظرة مشټعلة تفحص النقود وتحقق من عددها بعين لامعة ثم رفع نظره لها وقال مبتسما
ظهر الذهول على محياها فور سماعها لاسم نادر وبقت للحظات تحدق بالرجل في عدم فهم ثم سألت بترقب لإجابته
_ طيب متعرفش طلعت عنده ليه
رمقها بنظرة جانبية تشبه السابقة وقال
_ معرفش
تأففت جلنار بغيظ ووضعت يدها في حقيبتها مرة أخرى وأخرجت مبلغ أكثر من السابق وقالت بحدة وهي تضعه بيده
ابتسم الرجل بسعادة من النقود وقال بنظرة ماكرة
_ هو أنا مش متأكد بس تقريبا في حاجة
مش ولابد بينهم عشان دايما كل ما تطلع عنده الأستاذ نادر بيرن عليا ويقولي لو جه أي حد وسأل عليه اقوله إنه مش موجود في شقته وإني مطلعش اخبط عليه
لأي سبب كان
اتسعت عيني جلنار پصدمة مما سمعته للتو هل يعقل إن يكون ما يدور بذهنها الآن حقيقي وأنها تخون عدنان !
_ طيب هي بتيجي كل قد إيه أو كام مرة جات قبل كدا
_ مفيش وقت محدد يعني ممكن في أي وقت تيجي أما بتيجي من إمتي فده من ساعة ما انتقل الاستاذ نادر لهنا يعني من حوالي سنة واكتر وهي بتيجي عنده الله اعلم بقى لما كان في شقته القديمة كانت بتروحله ولا لا
_ من سنة !!!
هتف الرجل في فضول ونظرة ضيقة
_ هو حضرتك تعرفي نادر بيه وفريدة هانم ولا إيه ياست الكل
شردت جلنار لثواني وهي تحاول استيعاب ما عرفته لكنها استفاقت من شرودها على أثر
صوته وردت عليه بنظرة تائهة
_ هااا لا كانوا معرفة قديمة
همت بالاستدارة والمغادرة لكنها توقفت وأخرجت من حقيبتها نقودا أخرى واعطتها له هاتفة بنظرة قوية
_ متجبش سيرة إن في حد جه وسأل عليهم اعتبرني مجيتش أساسا
ثم استدارت مجددا وعادت إلى سيارتها ثم استقلت بمقعدها ونزعت الشال عنها فهتفت هنا بتساءل بعدما وجدت أمها بدأت بالقيادة مرة أخرى
_ هنرجع لبابي وعمو آدم ياماما
جلنار بتنهيدة حارة
_ هنرجع ياحبيبتي هنرجع لبابي
ارتفع صوت رنين هاتفه في جيب بنطاله فأخرجه وابتعد عن الحشد قليلا ليجيب بصوت أجش
_ أيوة ياصابر
رد عليه الآخر ببعض الاضطراب البسيط
_ فريدة هانم طلعت من المعرض من حوالي نص ساعة وأنا كنت وراها زي ما حضرتك أمرت بس جلنار هانم كمان طلعت وراها فورا وكانت بتراقبها تقريبا
الټفت عدنان برأسه في أرجاء المكان ينقل عيناه بين الجميع فلاحظ عدم وجود جلنار وابنته بالفعل أجاب على الهاتف بصوت غليظ
_ طيب
ووصلوا لفين
هنا ظهر الخۏف في نبرة صابر الذي هتف معتذرا
_ للأسف ياباشا الطريق كانت زحمة أوي وفجأة ملقيتش لا عربية فريدة هانم ولا جلنار هانم ومعرفتش ارقبهم لآخر الطريق
أغلق عدنان عيناه في محاولة منه لتمالك أعصابه حتى لا يفقدها على ذلك الأحمق وقال بصوت محتقن وبه لمسة مخيفة
_ إنت غبي أمال أنا حاطك تراقبها ليه عشاني تيجي وتقولي الكلمتين دول !!
التزم الآخر الصمت خشية من الرد فيجد ما لن يعجبه منه هتف عدنان بآخر الأمر في غيظ وڠضب عارم
_ اقفل دلوقتي وحسابك معايا بعدين
انزل الهاتف من على أذنه وقام بإجراء اتصال آخر لكن هذه المرة كان بفريدة واستمر الهاتف في الرنين دون إجابة !
داخل منزل نادر
فتحت حقيبتها وبحثت بها لثواني بسيطة حتى مدت يدها وأخرجت فلاش صغيرة واعطتها لنادر هاتفة بإيجاز
_ دي الفلاشة اللي عليها بيانات الشركات المنافسة في الصفقة وعليها بيانات كتير تاني هتفيدك
التقطها نادر من يدها وقلب الفلاش بين قبضته في نظرات لئيمة ثم
رفع نظره عليها وحدجها بأعين جريئة وانحنى عليها يخطف قبلة سريعة منها هامسا
_ ربنا يخليكي ليا ياحبيبتي قريب أوي هنخلص من عدنان ده على الآخر ووقتها مش هتكون في حاجة تمنعنا إننا نكون مع بعض
ابتسمت له بحب ثم قالت بعجلة
_ انا همشي لأن مش هينفع اخليه يحس بغيابي خصوصا إني بدأت أحس أنه شك فيا أو هو بالفعل شك وصحيح الفترة الجاية مش هينفع نتقابل أبدا وياريت كمان مترنش عليا خالص يانادر فاهم لغاية ما اشوف هتصرف إزاي مع عدنان واشيل الشك ده من ناحيته تجاههي
ظهرت الدهشة على محياه التي سرعان ما تحولت إلى الزعر وهو يجيب عليها باضطراب حاول إخفائه أمامها
_ شك إزاي !! عرف حاجة عني طيب !
حدقته بأعين مستنكرة تستعجب خوفه على نفسه وعدم اهتمامه بوضعها حتى لتقول بنظرة قوية ونبرة جادة
_ عرف إيه يا نادر ! بقولك شك فيا وإنت تقولي عرف عني حاجة !!
نادر محاولا تصحيح ما قاله
_ مقصدش ياروحي على العموم متقلقيش اللي خلاه ميشكش فيكي طول السنين دي هيشك دلوقتي
_ عشان أنا مكنتش بديله الفرصة ولا المساحة إنه يشك فيا أساسا لكن دلوقتي أنا شكلي بوظت كل حاجة وكنت بتصرف بتهور ومخدتش بالي من تحركاتي وتصرفاتي فشك فيا وأنا عارفة عدنان شكاك وطالما شك فيا يبقى مش هيهدى ولا يرتاح غير لما يعرف كل حاجة ويريح شكه
تنهد الصعداء وأجابها بحنو وهو يمد ذراعيه ويضمها لصدره
_ مټخافيش أنا معاكي وحتى لو عرف حاجة مش هسمحله يأذيكي
_
كفاية بقى أنا همشي سلام وزي ما اتفقنا ياحبيبي هااا
_ تمام اطمني
تابعها بنظراته وهي تتجه لباب المنزل وتفتحه ثم انصرفت واغلقته خلفها فنزل بنظراته إلى الفلاش التي بيده ولاحت ابتسامة شيطانية على شفتيه التي سرعان ما أصبحت أكثر سخرية عندما تذكر حديثه معها وهتف بازدراء منها
_ مش هسمحله يأذيكي !! ده إنتي أول حد هخلص منه بعديه بس كنت لازم الأول ابدأ برأس الأفعى الأول طبعا واصفي حساباتي القديمة مع عدنان الشافعي
توقفت بسيارتها أمام المعرض من جديد فتحت الباب
ونزلت بعد أن فتحت الباب الآخر لابنتها لتنزل هي أولا
ركضت هنا إلى الداخل ولحقت بها جلنار التي رأت عدنان كان يقف على البوابة الرئيسية ويمسك بهاتفه في يده وعيناه تطلق شرارات ڼارية بفعل الڠضب
انحنى على ابنته عندما وصلت إليه وحملها على ذراعيها لاثما وجنتها وهامسا بترقب
_ كنتوا فين يابابا
رفعت هنا كتفيها لأعلى بجهل وقالت زامة شفتيها
_ معرفش ماما اخدتني
بترت جلنار جملة ابنتها حين وصلت لهم وقالت تستكملها على طريقتها
_ اتخنقت شوية من جو المعرض واخدتها وطلعت بالعربية لفينا شوية ورجعنا
استقرت في عيني عدنان نظرة ڼارية لكن جعلها كلها حب حين نظر لابنته وهتف بحنو وهو ينزلها من فوق ذراعيه
_ روحي ياحبيبتي لنينا أسمهان كانت بتدور عليكي جوا
اماءت لأبيها بالموافقة وهرولت راكضة
للداخل حيث تجلس جدتها بينما هو فاندفع نحو جلنار وهمس أمام وجهها تماما في لهيب حار يخرج من بين شفتيه يوضح مدى اشتعاله الداخلي
_ روحتي تعملي إيه ورا فريدة !
فريدة ! هل يعرف مكان تواجدها أو ماذا ! وجدت نفسها تطرح عليه سؤال في حيرة دون أن تدرسه مقدما قبل أن تسأل
_ إنت عارف هي راحت فين !
ظهرت لمعة مختلفة في عيناه وقال بصوت متحشرج وأعين مظلمة لا تبشر بالخير مطلقا
_ راحت فين
لا يعرف إذا ! بالتأكيد لا يعرف فلو كان يعرف لكانوا الآن يتلقون أخبار مۏتها تنهدت الصعداء لعدم معرفته بالأمر وقالت مخترعة كڈبة سخيفة
_ معرفش أنا شوفتها طالعة من المعرض واستغربت وبعدها طلعت لما حسيت نفسي اتخنقت بس معرفش راحت فين
لم تنطلي عليه كلمة واحدة من التي تفوهت به استمر فقط في الاستماع إليها وهو يطالعها بنظراته الجامدة
التي تثير الرهبة في النفوس من فرط هدوءها ثم وجدته يتقدم أكثر نحوها وينحنى على أذنها ويهمس بصوت يقارب لصوت فحيح الأفعى
_ إنتي آخر واحدة تعرف تكذب وبالذات عليا أنا لأن عنيكي بتفضحك خليكي بعيدة عن فريدة وملكيش دعوة بيها نهائي ياجلنار مفهوووم
فسرت تحذيره بشكل معاكس مما جعلها تشتعل بالغيظ والاستياء ناعتة إياه بالأحمق أيخاف عليها ولا يطيق تحمل أي مكروه يصيبها وهي ټطعنه بظهره وفي شرفه دون علمه لكنها لم تفهم أنه ېخاف عليها هي بعدما تسرب الشك لنفسه من زوجته لم يعد مطمئنا لها أو واثقا بها حتى !
_ مالك يابت قالبة وشك من وقت ما طلعنا
من المعرض كدا ليه ! حصل إيه فهميني
صړخت بها مهرة بانفعال
_ اكتمي خالص يا سهيلة بدل ما أمسك في زمارة رقبتك إنتي أنا اللي استاهل اني وافقت آجي معاكي
_ وهو أنا قولت حاجة يابنت المجانين أنا بسألك حصل إيه
تأففت مهرة بخنق وقالت بامتعاض
_ قابلته تاني
_ مين !
صاحت بها مندفعة
_ ما تركزي معايا إنتي كمان هيكون مين يعني !
ادركت سهيلة الأمر بسرعة وقالت ضاحكة
_ أه الواد التركي اللي قرفاني بيه ده شوفتيه فين
_ في المعرض
عقدت سهيلة حاجبيها باستغراب وقالت بشيء من الاستهزاء
_ ليه هو تركي بجد ولا إيه ! هيعمل إيه في مكان كله ناس متريشة كدا
ضحكت مهرة على صديقتها وصمتت للحظات ثم قالت بابتسامة عريضة كلها حماس لرؤية تعابير وجهها بعد ما ستسمعه منها
_ لا ماهو صاحب المعرض والفنان اللي راسم اللوح
لم تدرك ما قالته جيدا فردت عليها ضاحكة ببلاهة
_ ما تقولي يابنتي هو مين
_ ما انا قولت صاحب المعرض هي البعيدة مبتفهمش
لوحت بيدها وهي تلوى فمها بسخرية متمتمة
_ ياشيخة قال وأنا اللي
توقفت عن الكلام فجأة وقد استوعبت وادركت أخيرا ما كانت تقوله مهرة للتو وإذا بها رمقتها بعين واسعة من الصدمة تكاد تكون مخيفة بعض الشيء وصاحت
_ آدم الشافعي !!!!
_ معرفش اسمه بس تقريبا هو طالما هو ده اسم صاحب المعرض
بظرف لحظة كانت سهيلة تمسك بهاتفها وبعد ثواني قليلة أظهرت صورة له على الهاتف ورفعتها أمام عيناها هاتفة