رواية امرأة العُقاب بقلم ندى محمود
فكها بقسۏة ويهدر أمام وجهها يتقن وقرف ممتزج بالوعيد
_ تعرفي نفسي اقټلك واخد روحك بإيدي عشان أطفي ڼاري بس متستاهليش ادخل السچن فيكي وأنا معايا بنت محتاجاني إنتي متستالهيش أي حاجة استغليتي حبي
وثقتي فيكي وطعنتيني في ضهري بس العيب مش عليكي العيب عليا أنا عشان انتي اثبتيلي قد
إيه أنا كنت غبي ومغفل
_ إنتي مخدتيش مني غير الحب والاحترام بس دلوقتي جه الوقت اللي تشوفي فيه عدنان في وجهه الآخر دوقتي طعم الجنة وجه دور الچحيم چحيمي !
ثم تركها وانتصب في وقفته ليقبض على ذراعها ويجذبها خلفه باتجاه إحدى الغرف الصغيرة ويلقى بها في الداخل واقفا عند الباب وهو يبتسم بعدم رحمة أدركت هي فورا ما ينوى فعله ولما القى بها في تلك الغرفة الضيقة والصغيرة يعرف جيدا أنها تخشي الأماكن المغلقة والضيقة
_ افتح الباب ياعدنان ابوس ايدك متعملش فيا كدا إنت عارف إني بخاف من الأماكن المغلقة
وكأنه اخرج قلبه ووضع مكانه حجر لا يشعر ولا ينبض لم يؤثر
به صياحها وبكائها وتوسلاتها بقدر ذرة بل لم يكترث لها حتى حيث استدار وسار للخارج مغادرا المنزل بأكمله تاركا أياها تصرخ متوسلة إياه فتح الباب وكان أمامه يقف احد رجاله فألقى عليه نظرة صارمة وحادة فهم الآخر من خلالها تعليماته فور دون الحاجة إلى حديث وتابعه بعيناه وهو يتجه نحو سيارته ويستقل بمقعده ثم ينطلق بها
تركت الدلو المخصص لسقي الورود ووقفت تجاه آدم تتطلع له بحيرة وهو يقترب منها
_ عدنان فين يا جلنار !
غضنت حاجبيها بحيرة وقد اقلقها تلهفه في السؤال عن أخيه بهذه الطريقة ولوهلة ظنت أن مكروه قد أصابه فهدرت بنبرة مهتمة
_ مش موجود هو في حاجة حصلت ولا أيه يا آدم !!
مسح على وجهه بقوة متأففا بقلق فهو يحاول الوصول له منذ أمس ولكنه لا يجيب على هاتفه رفع نظره لها فرأى القلق الحقيقي بدأ يرتفع لملامحها وهي تحدق به منتظرة منه أن يفسر لها ما يحدث فتنهد آدم بحرارة وتمتم
شهقت پصدمة وهتفت
_ عرف بفريدة ونادر !
هز رأسه لها بالإيجاب لتعود وتهتف ولا تزال الصدمة تعتلي ملامحها
_ عرف إزاي !!
_ معرفش مقاليش أي حاجة أنا أساسا بحاول أوصله من امبارح بليل ومش بيرد عليا ولا عارف راح فين
صعد الخۏف والقلق لوجهها وهي تجيب عليه بعبوس
توجه آدم وجلس على أقرب مقعد وجده أمامه وهتف بصوت خشن
_ عدنان مكنش طبيعي إمبارح أنا خاېف يكون عرف مكان فريدة ويعمل فيها حاجة ويضيع نفسه
تسرب الارتيعاد إلى قلبها فور سماعها لكلمات آدم ووجدت نفسها تهتف بسرعة في توتر ملحوظ
_ طيب حاول كلمه تاني يا آدم ولو رد عليك قوله أي حاجة خليه ييجي مثلا قوله هنا تعبت على الأقل يهدى شوية عشان ميتصرفش بتهور
_ مش بيرد يا جلنار ماهو ده اللي مجنني
_ طيب والحل ايه دلوقتي
_ مش عارف مش عارف
أخذت تفرك يديها في قلق ظاهر على ملامحها لا تتمكن من إخفاء خۏفها من أن يقوده غضبه لأفعال چنونية وېقتلها فيتسبب في دخول نفسه للسجن
كان يقف أمام روضة الأطفال يستند بجسده على سيارته عاقدا ذراعيه أمام صدره وعيناه معلقة على الباب ينتظر خروج صغيرته يصدر زفيرا بين كل آن والآخر في محاولات بائسة منه للتنفيس عن صدره المخټنق
خرجت هنا من البوابة وهي تحمل فوق ظهرها حقيبتها الطفولية الصغيرة وتركض باتجاه أبيها في وجه مشرق
قابلها هو بابتسامته الدافئة والعاشقة رغم ما يمر به من خړاب داخلي إلا أن رؤيته لملاكه الصغير كافية لرسم البسمة تلقائيا على وجهه
_ وحشتيني ياروحي
عبست هنا وزمت شفتيها للأمام في حزن متمتمة وهي تشيح بوجهها عنه في تمرد
_ لا أنا زعيانة زعلانة منك
_ زعلانة مني !!
هنا بعتاب وڠضب طفولي
_ أيوة أنت مجتش امبارح وكمان أول امبارح
ظهر الضيق على محياه فرد عليها معتذرا بأسف
_ أنا آسف ياحبيبتي كان معايا شغل وعد مش هتتكرر تاني ياملاكي
صعدت البسمة الساحرة لثغرها الجميل
وهي توميء له بالموافقة فابتسم لها بحنان
حرص على أن يأتي بنفسه ويأخذها من روضتها حتى يكون مطمئن فهو لا يأمن خطوة نادر القادمة ستكون أين وأيضا كان يعلم أن رؤيته لها ستهدأ من نيران صدره قليلا وربما ستنسيه الأمر مؤقتا
استدار بها من الجهة الأخرى للسيارة وفتح باب المقعد المجاور له ثم اجلسها به واغلق الباب واتجه نحو مقعده المخصص للقيادة ليستقل به بجوارها وينطلق بالسيارة خرج صوتها الطفولي وهي تسأل بحماس
_ هنروح البيت يابابي
_ أيوة يا حبيبتي هنروح البيت
ارتفع صوت رنين هاتفه وأخيرا قرر أن يجيب عليه فأمسك به وضغط على زر الإجابة ثم فتح مكبر الصوت وهتف
_ الو
اندفع آدم به صائحا پغضب
_ مش بترد عليا من امبارح ليه يا عدنان أنا لما غلبت روحت البيت عند جلنار قولت يمكن الاقيك هناك ولسا يدوب خارج من هناك
عدنان بهدوء مريب وصوت أجش
_ استناني في الشركة يا آدم وأنا هخلص كام حاجة ضروري وبعدين وهروح وراك نبقى نتكلم هناك
_ إنت فين دلوقتي وعرفت مكانهم ولا لسا !
عدنان بإيجاز ولهجة حازمة
_ أنا بسوق يا آدم نتقابل في الشركة
قولت
كان آدم على وشك أن يجيب عليه لكنه سمع صوت صافرة إنهاء الاتصال فانزل الهاتف من فوق أذنه وهو يتأفف بخنق وعدم حيلة ثم غير وجهة سيارته ليسير في طريق الشركة
_ سبتي الشغل ليه وإزاي !!
زمت مهرة
شفتيها بأسى وتمتمت بمعالم وجه عاجزة
_ مش أنا اللي سبته يا سهيلة عم سمير عرف بالكلام الداير في المنطقة واداني بقية مرتبي وقالي شوية كلام كدا يعني بمعنى اصح إنه مش حابب يشغلني عنده في المكتبة بعد اللي سمعه عني
استشاطت سهيلة وهتفت بغيظ
_ أما راجل قليل الأصل بصحيح طيب وإنتي هتعملي إيه دلوقتي
رفعت مهرة كتفيها لأعلى بعدم حيلة وهدرت بعبث
_ مش عارفة أنا شوفت أعلان لشركة محتاجين موظفين في قسم الحسابات فقدمت فيها وبكرا هروح اعمل الإنترڤيو وأشوف هتقبل بقى ولا إيه
تنهدت سهيلة بأسى وحزن على صديقتها ثم تمتمت باهتمام
_ طيب إنتي قولتي لخالتي فوزية على اللي حصل ولا لسا
هزت رأسها بالنفي هاتفة في يأس
_ لا ما إنتي عارفة ياسهيلة تيتا تعبانة وأنا خاېفة اقولها حاجة تتعب اكتر مستنية بس تسترد صحتها كويس وهقولها على كل حاجة
اقتربت منها سهيلة وضمتها لصدرها معانقة إياها في حرارة ودفء متمتمة بتأثر
_ متزعليش نفسك يا حبيبتي إن شاء الله اللي جاي كله خير وأنا واثقة إنك هتتقبلي في الشغل الجديد ده خصوصا إنهم عايزين موظفين في تخصصك
أخذت مهرة نفسا عميقا وردت بضيق ملحوظ في نبرتها
_ آمين يا سهيلة آمين
وثبت واقفة بلهفة فور سماعها لصوت الباب وهو ينفتح فأسرعت مهرولة نحو الباب حتى تراه فوجدته يدخل ومعه صغيرتهم التي هرولت نحو أمها وتعلقت بقدمها هاتفا في سعادة
_ بابي جه اخدني من الحضانة يا ماما
رسمت ابتسامة باهتة على ثغرها بعين تنظر بها لصغيرتها والأخرى عالقة على عدنان الذي نزع حذائه عنه واتجه للداخل بصمت نحو غرفتهم
التفتت برأسها للخلف تتابعه في قلق ثم عادت برأسها تجاه ابنتها وهتفت بحنان أمومي ولطف
_ طيب روحي يلا ياحبيبتي غيري هدومك عشان ناكل كلنا مع بعض
وثبت الصغيرة وهي تصيح فرحا ثم ركضت مسرعة تجاه غرفتها حتى تبدل
ملابسها كما اعتادت كل يوم بعد عودتها من دوامها بينما جلنار فتنهدت بقوة وسارت متجهة خلفه دخلت الغرفة وبحثت عنه فلم تجد له أثر لكنها سمعت صوت الماء في الحمام فتقدمت إلى الفراش وجلست فوقه تنتظر خروجه
_ هنا مش هتروح الحضانة اليومين الجايين
ضيقت عيناها بعدم فهم وسألت
_ ليه !
تجاهل سؤالها واكمل بنفس لهجته السابقة
_ وإنتي كمان مفيش خروج من البيت غير معايا من هنا ورايح
_ مش فاهمة ليه برضوا !!
عدنان بعصبية خفيفة وحدة
_ من غير ليه ياجلنار نفذي اللي بقوله وخلاص من غير نقاش
تأففت بصوت مسموع وتوقفت لتسير نحوه في خطوات هادئة وتقف بجواره متمتمة بلطف
_ إنت كويس
رقمها بنظرة مطولة يمعن النظر بها يقرأ نظراتها الموجهة إليه فأدرك الهدف وراء سؤالها اشاح بوجهه وأخرج ملابسه بجيبها بنبرة قوية
_ إنتي شايفة إيه !
جلنار بخفوت
_ مش عارفة بس حبيت اقولك فكر في هنا قبل أي تصرف تعمله
لم يجيب ولم ينظر لها فقط سار مبتعدا عنها وهو يشرع في ارتداء ملابسه ترى في عيناه قسۏة وجبروت مريبين جعلوها هي من تخشاه لوهلة يبدو أن الطوفان قضي على الكثير وسوف يحتاج لوقت طويل حتى يعيد ترميم ذلك الخړاب
غمغمت تسأله بترقب لرده رغم توقعها الرد إلا أنها سألت
_ الغدا جاهز هتاكل معانا
لا
حرفين فقط لكنه نطقهم بصوت غليظ ومثير للرهبة فتنهدت هي الصعداء بيأس ثم استدارت وغادرت الغرفة بأكملها
كان يقف أمام النافذة الكبيرة يتحدث في الهاتف ومن خلال حديثه فهمت أنه يتحدث عن العمل فاقتربت منه ووقفت خلفه منتظرة أن ينتهي من حديثه وبعد دقيقة تقريبا انتهى ثم الټفت برأسه للخلف وابتسم لها بعذوبة وهو يمد يده ويتلقط فنجان القهوة
من يدها هاتفا
_ ربنا يخليكي ليا يافطوم
رتبت على كتفه بحنو مردفة
_ ويخليك ليا ياغالي في مشكلة في الشغل ولا إيه
هز رأسه بالنفي وهو يرفع الفنجان لفمه ويرتشف منه ببطء ثم يجيب عليها بعد أن انزله
_ لا مفيش مشكلة ولا حاجة الحمدلله
ابتسمت فاطمة براحة ثم همست بخبث وهي تنكزه في ذراعه بخفة
_ مش ناوي تفرحني بيك بقى ياحاتم !
حاتم بمداعبة وهي يبتسم ببساطة
_ الاقيها بس وأنا مش هسيبها مټخافيش
غمزت له بلؤم أشد وهمست بنظرات ذات معنى
_ طيب ما هي موجودة !
_ موجودة فين !!!
كان سؤال مستغربا يحمل بعض الاستنكار فضحكت هي واجابته بتحمس
_ نادين دي البنت قمر ما شاء الله أنا متوقعتش إنها تطلع كدا جمال وأدب ورقة يعني تبقى غبي لو ضيعتها من