رواية امرأة العُقاب بقلم ندى محمود
لو بمجرد كلمة كنت زي الأعمي ودلوقتي فتحت عيني وبدأت اشوف حجات كتير مكنتش شايفها
رغم سعادتها بكلماتها لكنها لن تخنث وعدها مع ذاتها
ستستمر في تنفيذ العهد حتى يحين الوقت المناسب تفهم جيدا ألمه وندمه أنه فضل الأخرى عنها لكن ماذا إن كانت هذه مجرد مشاعر زائفة خرجت منه بلحظات عجزه وحزنه عندما شعر بحاجته لها هل سيتراجع ويتخلى بعد أن يستعيد رباطة جأشه أم سيستمر أثر الكلمات في الوجود والتجديد لا تعرف ويأسفها الاعتراف أنها تخشي الوثوق به !
_ فاهمة ياعدنان بس أنا من وجهة نظري ياريت نأجل الكلام في الموضوع ده بعدين إنت دلوقتي مرهق وتعبان وأنا كمان عايزة أنام
ليس أحمق حتى لا يقرأ في عيناها نظرات الحزن وعدم الثقة لا تثق بكلامه وربما لا تصدقه حتى ولن يلومها فلديها الحق وكيف تأتي الثقة بين علاقة مبنية على اتفاقيات ورقية منذ البداية !
_ تصبحي على خير
بادلته الابتسامة لكن بأخرى باهتة وابتعدت من أمامه بعد ثلاث ثواني بالضبط واتجهت إلى فراشها تسطحت عليه وتدثرت بالغطاء وهي توليه ظهرها وتحدق بالفراغ أمامها في سكون تام تشعر بحركاته وهو يرتدي ملابسه دون أن تراه وبعد دقيقتين بالضبط سمعت خطوات قدمه تتجه نحو الباب وباللحظة التالية كان يفتح الباب وينصرف بعد أن اغلقه خلفه هبت فورا جالسة وهي تعلق نظرها على الباب بتفكير تتساءل بين نفسها هل غادر المنزل أم خرج ليجلس بالخارج أو بالحديقة ! أزاحت الغطاء عنها ووقفت على قدميها ثم تقدمت بخطواتها نحو الباب تسير بتريث حتى لا تحدث أي ضجة وصلت عند الباب وامسكت بالمقبض وانحنت بجزعة للأمام وهي تديره ببطء شديد وكانت على وشك أن تجذب الباب إليها لكن دفعه هو من الخارج
_ كنت رايحة اشرب
نزلت بنظرها إلى جسده فوجدته يرتدي بنطاله الأسود وفوقه قميصه المماثل للون
البنطال وفوق قميصه جاكت جلدي لونه بني فسألت بعفوية
_ إنت هتمشي تاني !
_ الصبح بدري قبل ما تصحي هنا هاجي عايزة حاجة
هزت رأسها بالنفي ورغبت بأن
تسأله إلى أين سيذهب لكنها كتمت سؤالها في نفسها وتابعته بصمت وهو يغادر وفور سماعها لصوت غلق باب المنزل استدارت واتجهت لشرفة غرفتها تنظر منها فتراه وهو يستقل بسيارته وينطلق بها وسؤال واحد يتردد في ذهنها تطرحه بفضول هل يذهب لها !
_ كلي وأنا هنزل أقف شوية برا
اماءت له بالموافقة وفور نزوله التقطت الكيس الممتليء بالطعام وأنواع مختلفة من الحلوى قام بشرائها لها عندما أخبرته أنها جائعة بعد انتهاء اجتماع العمل وعودتهم في طريق المنزل
فتحت الكيس وأول شيء وقع نظرها عليه كان الآيس كريم لمعت عيناها بنظرات مشتهية وجذبته فورا تفتحه وتبدأ بأكله في استمتاع وتلذذ وبسبب تركيزها المنصب كله على الآيس الذي بيدها لم تلاحظ نظراته لها من الخارج وهو يلتفت برأسه للخلف يتطلع إليها بتعجب وهي تلتهم الآيس كالأطفال اتسعت ابتسامته حتى ملأت وجهه يمعن النظر بها مستغلا فرصة عدم ملاحظتها له بعد لحظات قصيرة قرر العودة للسيارة فتحرك باتجاه باب مقعده وفتحه ثم دخل واغلقه وهو يتطلع لها باسما ويهتف بمشاكسة
أماءت له بالإيجاب وهي تهتف بعفوية
_ مش أوي بس الآيس طعمه كتييير طيب
حاتم ضاحكا
_ أه ما أنا لاحظت إنه عجبك
تطلعت فيه بتلقائية وهدرت بحيرة
_ أنا ما راح أكل كل هاد وحدي طبعا ليش ما
بتاكل معي !
_ لا مش جعان كلي إنتي والباقي خليه اتسلي عليه براحتك
زمت شفتيها بيأس ثم رفعت الأيس لفمها تأكله برقة هم هو بأن يحرك محرك السيارة وينطلق لكنه ألقى نظرة أخيرة عليها فانتبه لجانب ثغرها الذي تلطخ بقطعة صغيرة من الآيس فابتسم وهو يرمقها مطولا ثم مد يده يجذب منديل من عبوة المناديل الصغيرة الموضوعة في الدرج الصغير للسيارة ويمده لها فتطلعت هي ليده الممدودة بمنديل ورقي في حيرة ليضحك ويغمز لها بخبث متعمد منه وهو يشير بيده الأخرى على جانب ثغره رفعت أناملها بتلقائية
لجانب فمها تتحسسه وفورا فهمت ما يقصده فجذبت المنديل من يده بقوة ومسحت فمها بإحراج متمتمة في غيظ
_ غليظ !
_ بتقولي حاجة !
_ لا ولا شيء
ضحك بخفة ثم نظر أمامه وحرك محرك السيارة انطلق بها يشق الطرقات فهتف محدثا إياها في لؤم بعد دقيقتين من الصمت
_ صحيح هو إنتي اتضايقتي ليه الصبح لما خالتي قالتلك إني عايز اتجوز
رمقته بشراسة وهتفت
_ ما قالت إنك بدك تتجوز ولا شو إنت غيرت رأيك من الصبح لهلأ !
رفع حاجبه بدهشة بسيطة من انفعالها السريع وهدر ضاحكا
_ طيب براحة اهدي في إيه هتاكليني !
اعتدلت في جلستها وردت بهدوء وثبات انفعالي متصنع
_ أنا هادية
حاتم باستنكار وهو يضحك بقوة
_ هو كدا هادية امال لو متعصبة هتعملي فيا إيه !
نادين بغيظ مكتوم
_ لك إنت ليش بتسألني وأنا لشو اتضايق يعني !! سوي ياللي بدك ياه بتتجوز بتهاجر بتحب شو دخلني فيك أنا
الغيرة المتأججة في صدرها لم تتمكن من أخفائها وهو فهم جيدا أنها تشعر بالغيرة فقرر سكب القليل من البنزين حتى تزداد النيران اشتعالا هتف بمكر وهو يغمز
_ يعني إنتي معندكيش مانع اتجوز !!
أوشكت على الانفجار من فرط الغيظ والغيرة فجاهدت في تمالك أعصابها قبل أن تجيب لكنها فشلت لتهفت منفعلة
_ لك اتجوز شو بيخصني أنا ! إنت عنجد انسان غريب والله
سمعته يقهقه بقوة يطلق ضحكته الرجولية المرتفعة والساحرة ويرد عليها من بين ضحكته
_ أنا برضوا
اللي غريب ! طيب اجهزي بقى عشان قريب كدا تحضري فرحي
رمقته بقرف وهي تشتعل من الغيرة واردفت بصوت ساخط وساخر بنفس اللحظة
_ والله وشو كل هاي الثقة كأن البنت ياللي راح تتجوزها منتظراك قدام باب البيت حاتم أنا ما بدي اجرح مشاعرك بس إنت عم تتوهم أساسا ما في بنت راح تتطلعك
ضحك بقوة وأجابها بنظرة جانبية خبيثة
_ متأكدة !!
أماءت برأسها في ثقة ونظرات تحدي فأكمل وهو يبتسم بلؤم
_ أصل في
واحدة قبل كدا قالتلي إنت أي بنت تتمناك تعرفيها !
جزت على أسنانها بغيظ وقالت بابتسامة سمجة
_ كانت عم تكذب عليك برأي ما تصدق هاي الكلام مرة تاني ولا تفكر بالجواز لأن وقتها راح تزعل عن جد لما تلاقي كل البنات عم ترفضك
رفع حاجبه بلؤم دفين ولا تزال الابتسامة تزين ثغره فأوقف السيارة جانبا وانحنى عليها يهمس بنظرة اربكتها
_ نادين
ذابت في نظرته ورمقته بهيام دون أن تجيب فوجدته يكمل همسه بصوت رقيق مع ابتسامة رائعة ونظرة بمثابة تعويذة سحرية
_ تتجوزيني
لجمت الدهشة لسانها ورمشت بعيناها عدة مرات في صدمة حتما أنه يمزح لا يمكن أن يكون جادا ! تابع هو تغيرات وجهها ووجنتيها الحمراء وصډمتها وهي لا تفهم شيء فابتسم وهتف ضاحكا بمداعبة
_ إيه مرفضتنيش ليه !!
يمزح كما توقعت لكن هل يتلاعب بمشاعرها حتى لو لا يعرف شيء عن حقيقة ما تضمره له في قلبها لم تتمكن من ضبط انفعالاتها فانفعلت وهي تهتف بعصبية
_ حاتم إنت عم تستخف دمك هاد الشيء مافيه مزح
غضن حاجبيه بدهشة من عصبيتها الحقيقية لم يكن يقصد أن يغضبها حقا فقط كان يشاكسها بالكلام كما اعتادوا معا اعتدل في جلسته وهو يجيب عليها باعتذار
_ أنا آسف مقصدش
اضايقك والله متوقعتش إنك هتتعصبي كدا !
نادين بحزم وهي تشيح بوجهها عنه
_ بليز اتحرك بالعربية وخلينا نرجع البيت أنا تعبت وبدي أنام
كان سيجيب عليها لكن الڠضب الذي يعتلي ملامحها كان حقيقيا وجديا فلم يرغب في زيادة سوء الوضع حيث تنهد بخنق وعاد ينطلق بالسيارة من جديد وهو يلقي عليها نظرة من آن إلى آن يرمقها بنظرات ندم وأسف يبدو أنه كان سخيف حقا لكنه يقسم لها أنه لم يقصد !!
فتح باب المنزل ودخل ثم اغلقه خلفه كان شخصا بالخارج وبمجرد أن خطت قدمه ذلك المنزل أصبح شخصا آخر احتدمت نظراته وتشنجت عضلات وجهه پغضب عارم لكنه رغم ذلك نجح في البقاء هادئا يقسم أنه لو أطلق الۏحش الجامح والجائع المتعطش للدماء الذي بداخله ستلفظ أنفاسها الأخيرة على يديه
تحرك باتجاه الغرفة الذي زج بها بداخلها في صباح اليوم واغلق عليها وتركها مد يده في جيب بنطاله وأخرج المفتاح ثم وضعه في القفل يديره لجهة اليسار ليفتحه ويدخل فيجدها جالسة على الأرض منكمشة پخوف وهي تحتضن ساقيها إلى صدرها وتهز قدمها بشكل لا إرادي نابع عن توترها وخۏفها لم يستغرب هيئتها فيبدو أن هذا كان تأثير الغرفة الضيقة والمغلقة التي حپسها بها ابتسم
بعدم شفقة واغلق الباب بالمفتاح من الداخل ثم أخرجه وأدخله في جيب بنطاله مجددا وتحرك باتجاهها في خطوات مريبة ثم جثى على ركبتيه يجلس القرفصاء أمامها ويغمغم بسخرية في قسۏة
_ لا اجمدي كدا ده هما كلهم كام ساعة بس اللي سبتك فيهم في السچن ده لسا هتقعدي كتير هنا لغاية ما تحسي إن روحك هتطلع
رفعت نظرها وتطلعت له بعينان دامعة تتوسله بصوتها المبحوح
_ متعملش
فيا كدا ياعدنان ابوس إيدك طلعني من الأوضة دي إنت عارف إني بخاف من الأماكن المغلقة
تجاهل توسلاتها وابتسم بعد رحمة وهو يسألها ببرود تام
_ احساس صعب أوي مش كدا !
هزت رأسها بإيجاب وعيناها تنهمر منها الدموع بصمت فتتلاشى الإبتسامة من على شفتيه تدريجيا ويصبح ذلك الشبح الذي رأته بالصباح التصقت بالحائط أكثر في خوف من
بطشه وهي تسمعه يغمغم بهمس مرعب
_ وأنا كمان كانت صعبة أوي عليا لما اكتشف إن مراتي والست اللي شايلة اسمي تتطعني في ضهري اللي كنت بتمنى يكون عندي أولاد منها وكنت بحبها ومستعد أعمل أي حاجة عشانها طلعت في الآخر وبتستغفلني وپتخوني عارفة أنا حاسس بإيه دلوقتي حاسس بڼار قايدة جوايا والڼار دي اول حد هتحرقه هي إنتي طعنتيني في شرفي في أكتر حاجة ممكن توجع الراجل
سكت للحظة قبل أن تتغير ملامحه ويتطلعها كشيطان بنظرات كانت كفيلة لبث رجفة بسيطة في سائر جسدها ثم يكمل