اخطائي ج2
حسرة
كتر القسۏة يا ابني بتعلم الجفا وأنت اللي وصلتها لكده رهف مفيش احن من قلبها بس أنت مرحمتهاش بأي عين عايزها ترحمك ده انت كتير استقويت عليها وياما نصحناك بس أنت ولا كان في بالك وكنت ماشي بدماغك وروحت اتجوزت عليها بفلوسها ومهمكش كسرة نفسها
تناول علبة سجائره يشعل احدهم وينفث دخانها وقال بنبرة نادمة تقطر بالخزي
شهقت ثريا واستنكرت بدفاع قوي
والله ما حد قليل الأصل غيرك وتصدق حلال فيك... وبعدين غريبة قهرك اوي أنها عايزة تسيبك وطلبت الطلاق طب ما ده حقها زي ما كان حقك تتجوز عليها
اه قول بقى أن كل اللي حرقك انها رجعت فلوسها و ورثها اللي اهلها سبهولها وأنت استوليت عليه بكل قوة واستقدار دي يا واطي عمرها ما حسبتك ولا قالتلك رجعلي فلوسي وكانت مأمناك على روحها ومالها بس أنت طلعت خسيس واتنمردت على النعمة وكسرت قلبها
ا كفاية أنا تعبت واعصابي مبقتش متحملة كلامك...أنت مفروض تبقي معايا
أنا مع الحق والحق بيقول أن حقها ورجعلها أما بقى طلاقها منك فهي حرة ومحدش يقدر يجبرها تعيش معاك بالعافية بعد عملتك السوده معاها
استطرد في عتاب وبملامح تملك منها اليأس بسبب عدم تعاطفها معه
يظهر إني غلطت لما جتلك وكنت فاكرك هتفهميني وتواسيني يا خالتي
وأنا كان نفسي تفوق يا ابن اختي قبل ما تخسرها وكان نفسي تعرف تصلح غلطك بس يظهر أنك مصمم ولسة ماشي بدماغك...ويظهر برضو أن الكلام مفيش منه فايدة وعلشان كده قول نواياك وقول جيت ليه وعايز مني ايه
رغم صعوبة شعور الخزي الذي يكنه لنفسه ورغم الندم الذي يعتريه ويؤرق مضجعه ورغم ايضا عدم استيعابه للأن أنها مقتته وخلفت ذلك الخواء بروحه قبل حياته إلا انه استرسل وهو مازال تحت تأثير سم كلمات منار التي بثتها بعقله
قليلة الأصل اللي مبتعملش حساب للعشرة اتنازلت عن الجنحة اللي كانت ضدك ولسة قافلة معايا من شوية ومبلغاني
انفرجت معالم وجهه وهب من موضعه بإندفاع وبكل تناقض الدنيا تساءل وكأن قلبه هو من ېصرخ بالسؤال لا هو
بجد يا خالتي واتنازلت عن قضية الطلاق كمان...
حانت من ثريا بسمة ماكرة اخفتها سريعا حين نفت برأسها وتشدقت كي تستفزه وتحرك عقله المغيب
لأ...لسة مصممة وبصراحة حقها بعد اللي شافته منك يعني حلوة وزي القمر ولسة صغيرة ومن حقها تعيش يمكن ربنا يعوضها...وأهي الحمد لله رجعت لشغلها ورتبت حياتها...الدور والباقي عليك يا ابن اختى يارب تكون مبسوط
عن أي انبساط تتسأل هي وهو يشعر انه اتعس رجل على وجه الأرض فقد زادت قتامة عينه وشعر بنصل حاد مشتعل ينغرس من حديثها
فيكاد يصاب بذبحة صدرية من شدة صډمته بعدما أدرك أنها بالفعل تخطته.
كبتت ثريا بسمتها المنتصرة حين لاحظت تأثير كلماتها عليه لتستأنف بعدما ضړبت قدميها وهبت واقفة تربت على كتفه
على العموم هبلغها واعمل اللي عليا...ويارب توافق وبصراحة طالما هي طالبة الطلاق وأنت عايز تريحها يبقى مفيش مشكلة تطلقها رسمي وتوفرو على بعض دوخة المحاكم و ۏجع الدماغ
هز رأسه ببسمة عابرة مسايرة ودون أضافة شيء آخر كان يغادر وهو يعض أنامله من الندم.
مرت عدة أيام عليها بصعوبة بالغة فقد فقدت آخر ذرة صبر لديها وأقسمت أنها لن تفلته إلا بإفلات روحها من جسدها فلم تستطيع أن تتحلى بالصبر كما نصحتها شهد بل هاتفته ربما للمرة الألف بعد المائة دون يأس ولكن هو لم يكترث قط حتى أنه لم يجيب على رسائلها الإلكترونية يكون متصل ويراها ولكن لم يأتيها جواب منه للآن مما جعلها في حالة يرثى لها وتكاد تفقد أعصابها لذلك لم تشعر بذاتها إلا وهي تقف أمام عمله وها هو يخرج مع عدة من زملاء له وحين رأها استأذن منهم متسائلا
بتعملي ايه هنا
أجابته بعيون ذابلة
مستنياك...لازم نتكلم يا حمود
ابتلع ريقه ومسد جبهته قائلا
ملوش داعي الكلام يا ميرال
نفت برأسها وقالت بضعف وبنبرة تقطر بحزنها
حمود علشان خاطري اسمعني أنا عارفة اني غلطانة إني خبيت عليك بس كنت مستني ايه من واحدة ضايعة زي...انت معرفتنيش وانا ملاك أنا كنت بغلط و مستهترة وباخد حبوب وبشرب وبسهر متلومنيش انا كنت ضايعة لغاية ما لقيتك يا حمود علشان خاطري بلاش تسبني أنا متعودة أن الكل يتخلى عني بس لو انت عملت كده قلبي مش هيستحمل يا حمود علشان خاطري متعملش فيا كده أنا محتجالك أوي...
كان يستمع لها بعيون دامعة تأثرا بها وبقلب يحثه أن يرق لها فنعم حتى هو اشتاق لبحر عيناها واشتاق لعفويتها و لمشاكسته اياها ومناغشتهم لبعض اشتاق لكل شيء يخصها ويعلم الله أنه لم يذق طعم الراحة في تلك الأيام العجاف دونها فكم كان يود أن يتخطى الأمر ولكن كيف وهو تعدى حدود منطقه ونطاق استيعابه ويخالف كل تلك القناعات الراسخة بعقله فحقا كان يشعر بالخزي من نفسه لإحزانها ولكن يصعب عليه الأمر وبشدة لذلك اعتذر
أنا آسف...إني سبب حالتك دي بس صدقيني مش عارف ...
اللي بيحب بيغفر
حتى لو غفرت عمري ما هقدر انسى يا ميرال
هتنسى هساعدك وهنبدأ من جديد وهنرمي القديم كله ورا ضهرنا...حمود انا اتغيرت والله اتغيرت علشانك ومعنديش استعداد اعيش من غيرك
احتل الحزن عينه البائسة وأجابها بنفاذ صبر وبقسوة لم تكن ابدا من طباعه كي يؤد تلك الرغبة التي تسيطر عليه وتدفعه بضړب تلك القناعات عرض الحائط والسماح لقلبه أن يرق لها
ميرال لو سمحتي كفاية أنت اتغيرتي لنفسك مش ليا ومتأكد انك هتتخطيني...انا مفرقش حاجة عن اللي عرفتيهم قبلي
قال آخر جملة بمرارة وبملامح مټألمة وصدى كلمات ذلك المقيت تتردد بعقله مما جعل عروقه تنفر وتتقلص معالم وجهه بإستياء شديد وقبل أن يحصل منها على رد لتهكمه الچارح لها كان يغادر بخطوات واسعة دون أن يلتفت خلفه
أما هي فكانت مشدوهة متجمدة بأرضها فقط دمعاتها تفر ټغرق وجهها تشعر أن مغادرته تلك ليست تخصه هو بل تخص روحها التي إنسلتت لتوها تلاحق خطواته.
مامي عايز ألعب بالجنينة...انا زهقان وشيري بتلعب لعب بنات بالعرايس بتاعتها ومش بتلعب معايا وطنط سعادخدت ولادها عند جدتهم وانا لوحدي
قالها شريف بنزق طفولي وهو يربع يده على صدره بضجر
مما جعلها ترفع عيناها عن حاسوبها وتخبره
حبيبي البوابة بتاعة الجنينة مش بتتقفل واخاڤ عليك ألعب بالكورة هنا بس اوعى تكسر حاجة
نفى شريف برأسه واعترض
لأ مش بعرف علشان خاطري يا مامي والله الجو حلو اوي بره
وانا مش هخرج برة البوابة...علشان خاطري يا مامي وافقي...وافقي لو بتحبيني
تنهدت رهف بيأس من عناد ابنها وإلحاحه الشديد ثم وافقت بمضض
ماشي بس خد الداده معاك تاخد بالها منك وانا هقعد في البلكونة اخلص شغلي على اللاب وانا بتفرج عليك
م هرول يحضر طابته ويعلم المربية بالأمر لتبتسم وهي تنظر لأثره وتتنهد تنهيدة مثقلة بالكثير فا إلى الآن تحاول أن تمهد لأخبار أطفالها بقرار انفصالها وحقا ذلك الأمر ليس بيسير عليها.
هرول الصغير إلى الأسفل برفقة مربيته وهو في قمة سعادته
في تلك الأثناء كان هناك من يجلس بشرفة غرفته يتناول مشروبه الساخن المفضل وهو يشعر بالضجر من ذلك الهدوء المعتاد الذي يعم الأجواء إلى أن اتسعت بسمته وهو يرى ذلك الصغير يلعب بالطابة بسعادة عارمة وبخفة ومرونة ادهشته واستحوذت على كامل انتباهه فكان يتابعه بعينه وبسمة هادئة تعتلي وجهه
ولكن لم يستمر الأمر طويلا فقد علقت طابته على أحد الشجيرات العالية ومربيته يصعب عليها جلبها له ليترك كوبه على جدار الشرفة ويهرول للأسفل كي يجلبها له
وما أن تدلى الدرج استمع لصوت والدته تصيح بأسمه هاتفة من شرفتها
شريف اطلع يا حبيبي وهشتريلك غيرها.
مط
الصغير فمه وهتف بعناد
بس انا بحب الكورة دي يا مامي ومش عايز غيرها
وحينها تدخل هو وطمئنه قائلا وهو ينحني بجذعه عليه بعدما وجده عابث وعلى حافة البكاء
متقلقش هجبهالك
مط الصغير فمه وهز رأسه لينهض نضالويشب على أطراف حذائه و يحضرها له لتتهلل أسارير الصغير ويصيح بعلو صوته بسعادة عارمة لوالدته خاطف أنظار الواقف بجانبه يتبع مرمى بصره
مامي عمو جابلي الكورة انا فرحان اوي
تنهدت رهف بإرتياح لسعادة ابنها ثم بكل تحفظ هزت رأسها بامتنان له من موضعها ليهز رأسه ايضا ويخفض نظراته للصغير الذي شكره قائلا
شكرا يا عمو
العفو يا كابتن شريف
جعد الصغير حاجبيه وتعجب
أنا مش كابتن
قهقه هو بكامل صوته وراوغه بحاجب مرفوع بتسلية
ازاي بقى ده انت بتلعب ولا احسن لعيب كورة تعرف أني لامح فيك موهبة ومهارات هايلة
برقت عين الصغير بسعادة وقال
بجد يا عمو يعني ممكن ابقى زي ميسي او محمد صلاح
ربت على وجنته بحنان بالغ وحفزه بإيجابية
اكيد تقدر
كانت تتابعهم من موقعها وتستغرب ذلك الحديث الذي يدور بينهم إلى أن هتفت شيري بأسمها وطلبت كوب من الماء لتلبي طلبها وتترك الشرفة بعدما ألقت نظرة مطولة على صغيرها فرغم أنها تعلم أن ذلك الطبيب موثوق به إلا انها كأي أم القلق والحرص دائما حليفها نحو ابنائها.
بينما عند الصغير فقد استرسل قائلا
بس انا صغير
هما برضو كانوا صغيرين وعندهم نفس الحلم واشتغلوا على نفسهم لغاية ما وصلوا وحققوا حلمهم
هز الصغير رأسه واخبره بحزن وهو يمط فمه
أنا كمان نفسي ابقى زيهم بس بابي مش بيرضى يوديني النادي ولا بيرضى يخليني أشارك مع أصحابي في التمرين
احتل الحزن عين نضال وطبطب عليه بحنان قائلا
باباك اكيد خاېف عليك...متزعلش وبعدين يا سيدي احنا ممكن نلعب هنا براحتنا
احنا مين دي
أنا وانت ياعم شريف احنا خلاص بقينا أصحاب
هز شريف رأسه بسعادة