الإثنين 25 نوفمبر 2024

رواية امرأة العُقاب بقلم ندى محمود

انت في الصفحة 31 من 150 صفحات

موقع أيام نيوز

عند ياقة تيشرته ينزعه عنه من الاعلى ويلقيه بعشوائية بينما هي فهرولت للغرفة حتى تجلب له مضاد للحروق بحثت بالإدراج في تلهف حتى عثرت عليه فخرجت وعادت له فورا شبه راكضة فوجدته جلس على الأريكة

وينظر لمكان الحړق أسرعت وجلست بجواره تبعد يده عن منطقة الحړق التي كانت أعلى البطن بالقرب من صدره وهتفت بقلق 
_ ابعد إيدك هحطلك من المرهم ده عشان الالتهاب ميزدش 
رفع يديه دون أن يتفوه ببنت شفة وتابعها وهي تفتح العلبة الصغيرة وتضع مرهم بحجم عقلة اصبعها ثم وضعته على جسده وهي تمرر اصبعها بحركة دائرية على المنطقة الحمراء بفعل الالتهاب رفعت نظرها له وسألت بعين تعتذر لما سببته 
_ بتألمك جامد 
_ أيوة ياجلنار إنتي بتسألي أسئلة ذكية أوي قهوة سخنة وادلقت عليا فكرك هتكون بتألمني ولا لا !! 
زمت شفتيها بضيق من انفعاله عليها وصاحت 
_ وانتي بتكلمني كدا ليه أنا مالي هو أنا اللي قولتلك امسكني 
رفع حاجبه مستنكرا
ردها بدلا من أن تشكره تنكر جميله رد عليها بابتسامة ساخرة 
_ صح عندك حق انا غلطان كان المفروض اسيبك تقعي وتتكسر رقبتك 
جلنار بمضض وخنق من أسلوبه 
_ خلاص أنا آسفة معلش اللي حصل بسببي
لم يعقب فقط رمقها بصمت وتابعها وهي تكمل ما بدأت به للتو لحظة واثنين حتى غاص متأملا إياها لون شعرها المتغير الذي يميل للكستنائي لاحظه منذ أن رآها في أمريكا ولكنه لم يعقب وبكل مرة يقرر بأن يسألها متى غيرت اللون لا تسمح الفرصة بسبب شجارتهم الدائمة منذ عودتهم هذا اللون يليق بها بشكل يجلعها تماما كشمس الصباح المشرقة حين تكون دافئة ومتوهجة بنفس اللحظة 
خرجت همسة خاڤتة منه وهو يبتسم بنظرة إعجاب 
_ غيرتي لون شعرك لما كنتي في أمريكا 
ردت عليه باقتضاب 
_ امممم وياريت بلاش تعليق سخيف أو 
توقفت عن استرسال الحديث حين وجدته يمد أنامله ويبعد خصلاتها المتمردة
من أمام عيناها ويتمتم بنظرة لئيمة مبتسما 
ارتفع حاجبها بدهشة من رده غير المتوقع أليس تغزله بها شيء يدعى للذهول !! ابتسمت وقالت بازدراء 
_ لولا إن القهوة ادلقت على بطنك كنت قولت حاجة تاني إنت متأكد إنك تقصدني أنا ! أصل 
قاطعها للمرة الثانية وهو ينحنى عليها ويمد يده خلفه ليجذب التشيرت لوهلة ظنته سيقبلها لكنها حمدت ربها أنه لم يفعل توقف أمام وجهها قبل أن يبتعد وقال بلهجة حازمة ومغتاظة منها 
_ تصبحي على خير يارمانتي 
وقبل أن يستقيم واقفا خطڤ قبلة من جانب ثغرها ثم توقف وسار متجها نحو الغرفة ظلت مكانها تحاول استيعاب ما قاله وما فعله حتى هتفت بعفوية ساخرة 
_ هو في إيه ماله
ده !!!
توقف بسيارته أمام إحدى المقاهي ونزل منها ثم قاد خطواته إلى الداخل ودار بنظره بين الجميع بحثا عنها حتى وجدها تجلس بالقسم الثاني من المقهي المقابل للنيل على أريكة متوسطة الحجم مقابلة للماء تعرف عليها من شعرها وظهرها فتنهد بارتياح وفي تلك اللحظة دوى صوت رنين هاتفه فأخرجه وأجاب على الهاتف وعيناه معلقة عليها 
_ أيوة ياخالتو 
ميرفت بصوت مرتعد 
_ طمني يا آدم لقيتها 
غمغم بصوت رجولي خاڤت 
_ لقيتها متقلقيش اهي قدامي 
ميرفت برجاء 
_ طيب متتأخرش يا آدم لأحسن أنا مش قادرة أقف على رجلي من الخضة هاتها وتعالو علطول 
_ حاضر مش هنتأخر مټخافيش 
انهى الاتصال معها ووضع الهاتف في جيب بنطاله مرة أخرى ثم تحرك باتجاهها في خطوات متريثة وعند وصوله إليها توقف للحظات خلفها
ينظر إليها من الخلف كانت شاردة الذهن تتطلع للماء بعينان تائهة وبائسة مسح على وجهه بعبوس بات ناقم على نفسه المتسببة فيما وصلت إليه 
تحرك وجلس بجوارها ليخرج صوته الرزين وهو يحدق في الماء مثلها 
_ العزلة مش هتفيدك بالعكس بټأذي أكتر
صابتها نفضة بسيطة بخضة عندما سمعت صوته ورأته بجانبها متى جاء وكيف عرف مكان تواجدها ! سؤالان طرحتهم في وقت واحد بعقلها ! ابعد هو نظره عن الماء والټفت إليها برأسه مسترسلا حديثه بنظرة ذات معنى ونبرة مهتمة 
_ هتفضلي تفكري في الحاجة اللي مضايقاكي اكتر واللي هيحصل إن الحزن هيفضل ملازمك ارمي الشيء اللي مضايقك يازينة ورا ضهرك صدقيني طالما مسبب ليكي الألم ده يبقى ميستاهلكيش ومفيش حاجة تستاهل إن ابتسامتك الجميلة تختفي من على وشك
لمعت عيناها وتلألأت الدموع فيهم وهي تحدق به بقلب منكسر يتحدث كأنه يعرف بكل شيء لكنه أصاب الهدف تماما بكلماته شعرت بدموعها على وشك الانهمار فالتفتت برأسها تجاه البحر مسرعة تهرب بنظراتها منه هامسة ببعض الاضطراب 
_ هو إيه ده اللي ميستاهلنيش ! 
_ اللي مضايقك 
رمقته بنظرة طويلة نظرة عاجزة ومنطفئة وعينان دامعة تتحدث عن الآم قلبها المعذب بڼار الهوى هذه المرة لم يبعد نظره عنه كالعادة بل ظل مثبتا عيناه عليها يحاول إخبارها من خلالهم أجل أنا هو الذي اقصده لا استحقك بل تستحقين الأفضل مني 
اشاحت بوجهها مرة أخرى وهتفت بصوت حاولت إظهاره طبيعيا 
_ عرفت إزاي إني هنا ! 
آدم ببساطة 
_ تخمين 
عندما لم تجب عليه استكمل هاتفا بجدية 
_ مامتك كانت ھتتجن من القلق والخۏف عليكي كان على الاقل ردي عليها وطمنيها يازينة 
_ أنا فاكرة إنها لسا في المعرض أو راحت عندكم عشان كدا عملت الفون صامت 
استقام على

قدميه وقال بخشونة 
_ طيب يلا قومي عشان نروح البيت وتطمن عليكي 
زينة بصوت رقيق ورفض خاڤت دون أن تنظر له 
_ امشي أنت يا آدم وأنا هروح وحدي متقلقش عليا 
لم تسمع منه أي رد فقط ظل واقفا بصمت واضعا قبضتيه في جيبي بنطاله وحين رفعت نظرها إليه ورأت نظرته الصارمة تنهدت بيأس وفهمت أن لا مجال للجدال معه فجذبت حقيبتها واستقامت واقفة ثم سارا معا للخارج وعند وصولهم أمام السيارة توقفت والتفتت له بنصف جسدها هاتفة باعتذار لطيف 
_ عارفة إني مفيش عذر كافي لغيابي عن الافتتاح النهارده بس 
قاطعها
مبتسما في تفهم وبدفء وهو يفتح لها مقعد السيارة الأمامي المجاور لمقعده 
_ ولا يهمك أنا متفهم الوضع يكفي وقفتك معايا طول التجهيزات
طالعته وشفتيها مالت لليسار قليلا في ابتسامة عابسة قبل أن تستقل بالسيارة ثم اغلق هو الباب والټفت من الجهة الأخرى وفتح باب مقعد القيادة واستقل بجوارها منطلقا بالسيارة في طريق منزل خالته 
في صباح اليوم التالي 
عدة طرقات منخفضة على الباب بفعل يدها الصغيرة لكن لا يوجد إجابة من والديها ! ظلت واقفة أمام الباب وهي تزم شفتيها بعبوس وتفكر بتردد اتفتح الباب وتدخل أم تستمر في الطرق إلى أن يستيقظوا لكن بفطرة الأطفال في عدم الصبر قررت أن تدخل وقفت على أطراف أصابع قدمها ومدت يدها لمقبض
الباب وفتحته ببطء وحذر أدخلت رأسها فقط من خلف الباب تلقى نظرة عليهم فوجدتهم نائمين بعمق في الفراش والدها ينام على ظهره واضعا كفه أسفل رأسه بوضيعة نومه المعتادة وأمها تنام على آخر الفراش مولية ظهرها لأبيها ابتسمت بخبث طفولي واندفعت نحو الفراش وصعدت عليه واستقرت في المنتصف بينهم ثم اقتربت من والدها وقالت بصوت منخفض 
_ بابي 
لم يستيقظ فمدت كفيها الصغيرتين ووضعتهم فوق صدره تهزه برقة متمتمة 
_ بابي بابي اصحى 
فتح عيناه تدريجيا وبمجرد اتضاح صورتها كاملة أمامه ابتسم بحب واعتدل في نومته ثم انحنى عليها لاثما وجنتها متمتما بصوت مازال يحمل أثر النوم 
_ صباح الورد يا هنايا 
ضحكت لأبيها بحب مماثل وقالت 
_ اتأخرت على الشغل 
اتسعت ابتسامته وفغر عيناه بدهشة مصطنعة واردف 
_ بجد هي الساعة كام !
التقط هاتفه وتفقد الساعة فوجدها السابعة صباحا عاد يجيب عليها غامزا 
_ لسا بدري يالئيمة إنتي عايزة تمشيني ولا إيه !
هزت رأسها بالنفي واقتربت منه تهمس في أذنه مبتسمة في دلال طفولي
لا يقاوم 
_ خدني معاك يابابي 
_ اخدك معايا الشغل !! 
اماءت له بالموافقة وهي تطالعه بعينان لامعة كلها تشويق وحماس فرد عليها بحنو ابوي 
_ مش هينفع ياملاكي أنا هكون مش فاضي ومش هعرف اخد بالي منك 
هتفت هنا مسرعة بتوسل وعينان تحاول اتسعطافه من خلالهم 
_ هسمع الكلام وهفضل قاعدة ساكتة جمبك 
اطال النظر إليها فزمت هي شفتيها بحزن ويأس إلى أن وجدته يضحك ويقول مستسلما بغمزة مشاكسة 
_ بتعرفي تثبتيني إنتي ياقردة خلاص من غير زعل هاخدك
وثبت فوق الفراش
بسعادة غامرة صائحة وهي ترتمي على أبيها عاقدة ذراعيها الصغيرة حول رقبته 
_ هييييه يعيش بابي
تعالت صوت ضحكته الرجولية وهو يلف ذراعه حولها ضاما إياها إليه 
فتحت جلنار عيناها على أصواتهم وقبل أن تلتفت بجسدها ناحيتهم نزلت بنظرها تلقائيا إلى الفراش النائمة فوقه كيف جاءت هنا هي تتذكر جيدا أنها ليلة أمس نامت بجوار ابنتها في غرفتها حتى لا تكون معه بغرفة واحدة ثم رفعت جزء من الغطاء ونظرت للداخل فإذا بها تجد أن حتى ملابسها ليست التي كانت ترتديها بالأمس ! اشتلعت عيناها بعد جالت بعقلها عدة أفكار جعلتها تتحول لجمرة من النيران الملتهبة وثبت جالسة فجأة والتفتت نحوهم صائحة بغيظ 
_ عدنان 
ابتعدت هنا عن أبيها وحدقت بأمها في استغراب بينما هو فلم يستغرق الموقف أكثر من ثانية ليدرك سبب اشتعالها أجابها ببرود مجاهدا في إخفاء ابتسامته 
_ صباح الخير يارمانتي !
_ الفصل الرابع عشر _
اتساع عيناها كان ردا كافيا على جملته المغلفة بالهدوء المستفز صباح الخير يارمانتي !! يالك من مستفز كيف يمكنك التحدث بهذا البرود وكأنك لم تفعل شيء ! 
نظرت لابنتها التي تحدق بها بتعجب من ڠضبها فارتخت عضلات وجهها المتشنجة تدريجيا ورسمت على وجهها ابتسامة مزيفة تجيب عليه بمضض 
_ صباح النور ياحبيبي
ثم فردت ذراعيها لابنتها تحثها على الانضمام بحضنها ففعلت الصغيرة فورا هتفت جلنار بدفء 
_ صاحية بدري كدا ليه ياحبيبة ماما 
ردت هنا بحماس وفرحة 
_ بابي هياخدني معاه 
رفعت نظرها لعدنان وطالعته بنظرة مشټعلة ثم عادت بنظرها مرة أخرى لصغيرتها وقالت بوجه لطييف تماما على عكس نظراتها له للتو 
_ ياخدك
فين 
_ الشغل ! 
رفعت جلنار حاجبها باستغراب ثم ردت ببعض الجدية 
_ بس ياحبيبتي ده شغل وبابا مش هيكون فاضي يعني هتزهقي وحدك 
هزت رأسها بالنفي وقالت بإصرار 
_ لا أنا هقعد مع بابي ومش هبعد عنه 
_ وهو بابي يقدر يبعد عن ملاكه لحظة أساسا 
وقعت عيناه بتلقائية على جلنار فوجدها ترمقه بنفس النظرات الڼارية لو كانت النظرات ټحرق لحرقته مكانه أخفى ابتسامته المتسلية وهتف

محدثا ابنته لكن نظراته معلقة على الأخرى 
_ يلا ياهنايا عشان نقوم ونساعد ماما في تحضير الفطار وبعدين نلبس ونمشي 
هنا بسعادة وحماس 
_ يلا ياماما 
جلنار وهي لا تزال معلقة نظراتها على
عدنان 
_ حاضر ياحبيبتي 
استقامت من الفراش وتوجهت إلى الحمام وهي تتوعد له بينما هو فظل جالسا مكانه والصغيرة توقفت وانصرفت متجهة إلى غرفتها تفتح خزانة ملابسها الصغيرة تفتش بين ملابسها بحماس طفولي عن ما سترتديه 
دقائق قليلة حتى خرجت جلنار من الحمام وقفت وتطلعت له بغيظ واندفعت نحو باب
30  31  32 

انت في الصفحة 31 من 150 صفحات