رواية امرأة العُقاب بقلم ندى محمود
الغرفة حين لم تجد ابنتها أغلقت الباب وعادت له ثائرة تطرح السؤال الأهم من الطريقة المعروفة التي جاءت بها إلى الفراش بجواره
_ أنا مكنتش لابسة كدا إمبارح قبل ما أنام إنت عملت إيه !
توقف من الفراش ببرود أعصاب تام وأجابها
_ معملتش حاجة
جلنار
_ لا والله امال مين اللي غيرلي هدومي !!
_ أنا
_ لقيتك نايمة جمب هنا في الأوضة فشلتك وجبتك على سريرك جمبي في مكانك قولتي عايزة مايه جبتلك تشربي ومن غير ما تاخدي بالك بسبب إن النوم كان غالب عليكي المايه اتكبت على هدومك للأسف فجبتلك حاجة تلبسيها من الدولاب وكنت هطلع واسيبك تغيري وتلبسي بس إنتي اللي ندهتي عليا وقولتيلي تعالى ياعدنان ساعدني وأنا عشان قلبي طيب مقدرتش اشوفك محتجاني وملبيش طلبك وضعفت وساعدتك
_ كنت نايمة والمايه وقعت على هدومي وإنت ياعيني كنت هتسبني اغير وتطلع برا عشان إنت محترم أوي طبعا روحت أنا ندهت عليك وقولتلك ياعدنان تعالى ساعدني ده أنا اللي قولت كدا صح ! وطبعا زوجي البريء والمضحى والجميل ساعدني مضطر عشان ميرفضش طلبي !
_ بظبط كدا اضطريت إنتي عارفة أنا دايما بحب اساعد المحتاج
اختفت ابتسامته في لحظة وتحولت للوجه الآخر الذى كان كله ڠضب وغيظ ولکمته في صدره پعنف صائحة به بوجه أحمر من فرط الڠضب
_ وقح وقليل الأدب إزاي تقربلي هااا أنا قولتلك مليون مرة متلمسنيش
فشل في كتم ضحكته التي انطلقت بسيطة من بين شفتيه ثم
_ مټخافيش كنت مغمض عيني
_ عدنان
صيحة شبه عالية انطلقت منها وهي تشتعل من فرط الغيظ ثم دفعت يده عنها ورفعت سبابتها في وجهه تحذره بسخط حقيقي
_ إياك تقربلي تاني فاهم ولا لا واحد متحرش
ثم استدارت واندفعت مسرعة إلى خارج الغرفة وهي عبارة عن جمرة نيران متوهجة بينما هو فعاد كلمتها الأخيرة ضاحكا باستنكار
يعرف ويتجاهل يفهم جيدا مدى الألم الذي اعاني منه لكنه يبعدني عنه لا يحبني ولن يفعل ! لم تكن كلماته بالأمس في سياق الحديث بل كان يقصد كل حرف وكلمة تفوه بها كان لدي بعض الشكوك حول معرفته بمشاعري تجاهه ولكنني الآن تيقنت من شكوكي لم يكتب لتلك المشاعر الحياة كنت فقط اتبع وهم منذ البداية متأملة انني بيوم قد افوز بقلبه ويصبح لي لكنني كنت اتوهم وخلقت عالما مزيفا تعايشت فيه بمفردي ومن الواضح أن الآن يجب على مغادرته هذا العالم لا يناسبني وليس لي !
يعلوه كنزة من اللون الأسود وفوقها جاكت من اللون البني وتركت خصلات شعرها تتطاير بحرية على أكتافها وظهرها
خرجت من غرفتها واتجهت إلى أمها الجالسة على الأريكة أمام التلفاز تشاهد إحدى البرامج الصباحية انحنت عليها وطبعت قبلة حانية على وجنتها متمتمة
_
صباح الخير يافوفا
التفتت ميرفت لها برأسها وردت بإشراقة وجه من رؤيتها لابنتها وهي كلها نشاط وحيوية هكذا
_ صباح النور ياحبيبتي
على فين كدا
_ معايا محاضرة في الكلية هروح احضر بما إني ليا فترة مش بروح الجامعة
ميرفت بحنان أمومي
_ طيب ياحبيبتي روحي وخلي بالك من نفسك
اماءت لها بالموافقة واستدارت بجسدها تهم بالانصراف لكنها توقفت مجددا وأخذت نفسا عميقا قبل أن تستدير مجددا نحو أمها وتقول بوجه جامد
_ صحيح كلمي طنط نرمين وقوليلها إني موافقة
وقعت الكلمات على ميرفت وقع الرعد حيث قالت پصدمة حقيقية امتزجت ببعض الفرحة
_ موافقة على رائد !
_ أيوة ياماما ولما ارجع نبقى نكمل كلامنا أنا همشي دلوقتي عشان مستعجلة
ميرفت بسعادة غامرة
_ طيب ياحبيبتي روحي عشان متتأخريش ترجعي بالسلامة أن شاء الله
كانت فريدة تقف بالمطبخ تقوم بتحضير كوب من القهوة لها ولم تشعر بأسمهان التي تسللت من خلفها ووقفت خلفها مباشرة هاتفة بصوت منخفض أقرب للهمس
_ قريب أوي هتكوني برا القصر ده وابني بنفسه اللي هيرميكي منه
انتفضت فريدة بفزع على أثر صوتها والتفتت فورا للخلف بقسمات وجه مزعورة لكن ثواني قصيرة واختفت علامات الزعر من على محياها ليحل محلها الغطرسة بعدما
أدركت كلامها وقالت
_ هيرميني أنا !! وده ليه بقى إن شاء الله
أسمهان بغل ونقم ملحوظ في عيناها
_ اللي بتخططيله من ورانا قريب اوي هنعرفه وسعتها هترجعي للژبالة اللي جيتي منها وقريب أوي هعرف إيه اللي مخبياه وبتعملي أيه من ورا الكل ومبقاش أنا أسمهان الشافعي أما رميتك زي الكلاب برا القصر ده
ضحكت فريدة بسخرية وردت عليها في نظرات شيطانية ونظرة كلها ثقة
_ معتقدش يا أسمهان هانم وأنا من رأي إننا منستبقش الإحداث يعني الافضل خلينا نتفاجيء بنهاية القصة هتكون إزاي بدل ما نتوقع على الفاضي
قبضت أسمهان على ذراعها پعنف وهتفت بوعيد يلمع في عيناها
_ نهاية القصة معروفة من البداية مش محتاجة نستني ونتفرج بنفسنا نهايتها إن الژبالة بيرجع للژبالة بتاعته لأنه مهما عاش في النضافة هيفضل ژبالة بأصله
لم تثير كلماتها ڠضب فريدة التي على العكس كانت هادئة تماما وتطالعها بابتسامة مثلجة غير مبالية ثم ردت عليها وهي تهم بالانصراف
_هنشوف يا أسمهان هانم عن أذنك
ثم سحبت يدها من بين قبضتها ورحلت بكل برود مما أشعل غيظ أسمهان أكثر وازدادت حقدا وغل لها متوعدة لها بالقريب العاجل أن تكون خارج حياتهم تماما للأبد
داخل شركة الشافعي تحديدا بمكتب عدنان في الطابق الثالث
بينما كان يجلس على مقعده أمام المكتب ويقوم بإنهاء أعماله كانت هنا تجلس على الأريكة وتمسك بهاتف والدها تشاهد أحد أفلام الاطفال المشهور القط والفأر وبين آن والآخر تنطلق منها ضحكة طفولية وعفوية عندما تشاهد مشهدا مضحكا فيلتفت لها برأسه ويبتسم بدفء ويعود ويكمل عمله
طرق الباب عدة طرقات خفيفة قبل أن ينفتح وتدخل ليلى وهي تمسك بيدها إحدى الملفات الخاصة بالعمل وتقترب من عدنان تقف بجواره وتقول برسمية
_ الأوراق دي محتاجة توقيع حضرتك يافندم
التقط من يدها الملفات وتفقدها متمتما دون أن ينظر لها
_ عملتي إيه في موضوع نادر ياليلى
ليلى بعبوس
_للأسف مفيش أي حاجة في مكتبه وتصرفاته كلها طبيعية حتى الآن !
رفع نظره عن الأوراق ونظر لها وهو يهز رأسه بإيجاب
وعينان شاردة تفكر بشيء آخر فطرحت ليلى سؤالها وقالت بتساءل واهتمام
_ طيب حضرتك هتعمل إيه ياعدنان بيه الملفات دي مهمة جدا وفيها صفقة بملايين !
ابتسم عدنان بنظرات غريبة ثم قال بثقة وصوت خشن
_ إنتي لسا جديدة معايا ومتعرفنيش اصبري واتفرجي ياليلى هعمل إيه
لاحت ابتسامة على ثغر الأخرى نظرة كلها ثقة وتشوق
بينما هو فقال وهو ينظر لابنته
_ اطلبي ليا ولهنا يا ليلى غدا من المطعم
نظرت إلى هنا المنشغلة بالمشاهدة على الهاتف وابتسمت ثم رجعت برأسها ناحيته وقالت بود
_ تحت امر حضرتك
عدنان بنظرة محبة
_ هنون تعالى ياملاكي
تركت الهاتف من يدها فور سماعها لصوت أبيها وهو يطلب منها القدوم إليه توقفت وتحركت إليه حتى وقفت أمامه فحملها واجلسها
على سطح المكتب أمامه وغمغم بحنو أبوي
_ دلوقتي وقت الغدا جه وطنط ليلى هتجبلنا الأكل عشان نتغدا تحبي بقى ناكل إيه ياحياتي
انحنت ليلى عليه وقالت بمداعبة بسيطة شبه ضاحكة
_ مش كبيرة عليا شوية طنط دي ياعدنان بيه
انطلقت منه ضحكة بسيطة ثم أجابها من بين ضحكته
_ خلاص يا ليلي هخليها تقولك ليلى من غير أي حاجة حلو كدا
ليلى كاتمة ضحكتها
_ حلو هااا ياسكرة تحبي تاكلي إيه النهارده ده بابي أول مرة يعملها ويتغدا في المكتب هنا وده عشان إنتي موجودة بس يعني استغلي الفرصة
تطلعت هنا إليها بخجل دون أن تجيب عليها وطال صمتها للحظات حتى انحنت على أذن أبيها وهمست في خفوت وخجل طفولي لطيف بنوع الطعام الذي تريده وكان صوتها واضحا رغم محاولتها لإخفاضه حتى لا يصل لأذن ليلى التي سمعت ما همست به في أذن والدها جيدا بينما عدنان فنظر لليلى وغمز لها باسما دون أن يتكلم لمعرفته بأنها سمعت كل شيء أماءت له بالموافقة الأخرى بابتسامة عذبة قبل أن تستدير وتنصرف
فور انصراف ليلى نظر هو لصغيرته وقال
_ هااا قوليلي كنت بتتفرجي إيه بقى
هتفت هنا بلطافة لا تقاوم وقد عادت لطبيعتها على عكس الخجل الذي كان يهيمن عليها للتو
_ Tom and jerry القط والفأر توم وجيري
_ طيب إيه رأيك أول ما يجي الأكل نطلع وناكل فوق على الروف هيعجبك أوي
هزت رأسها بإيجاب في وجه مشرق بإبتسامتها الرائعة ثم عبست وقالت بحزن
_ بابي ماما كانت زعلانة الصبح
_ ليه !!!
_ عشان أنا سبتها وحدها وجيت معاك
قهقه بقوة وأجاب على ابنته
_ بجد !! طيب تعالي هنكلمها ونشوفها لسا زعلانة ولا لا
أمسك بهاتفه وأجرى مكالمة فديو بها وبعد لحظات من الرن المستمر انفتح الاتصال أخيرا وثواني حتى ظهر وجهها بشاشة الهاتف كانت قاطبة حاجبيها من اتصاله حتى وجدته يهتف وهو يوجه الهاتف عليه هو وهنا ويقول باسما
_ هنون بتقول إنك كنتي زعلانة ياماما الصبح عشان سابتك وجات معايا فقولنا نتصل ونشوف ماما لسا زعلانة ولا إيه بظبط
كتمت جلنار ضحكة عالية كانت ستنطلق منها ورسمت العبوس والضيق على
وجهها بمهارة لتجيبه بتأكيد
_ أيوة زعلانة يهون عليها تسيب مامي وحدها في البيت كدا !
ردت هنا على أمها بوجه حزين لعبوس والدتها
_ خلاص مش تزعلي هنجبلك شيكولاته احنا وجايين
_ هتجبيلي قد إيه !
فتحت ذراعيها على أخرهم وقالت برقة
_ كتييييير أوي قد كدا مش صح يابابي
أجابها عدنان ضاحكا
_ صح ياروح بابي تحبي نجبلك حاجة تاني ياماما واحنا جايين
_ لا
كفاية الشيكولاته
تفوهت به جلنار وهي شبه ضاحكة حتى قالت بتذكر وجدية
_ أكلتوا ولا لسا
ردت هنا مسرعة وحماس
_ لسا طنط ليلى راحت تجيب الأكل
هتفت جلنار باهتمام وحزم
_ خلي بالك ياعدنان ومتجبوش أكل مش healthy وأهم حاجة تخليها تغسل إيدها كويس أوي قبل الأكل وكمان
_ خلاص ياجلنار أنا عارف كل ده أكيد متقلقيش كل حاجة زي الفل الحمدلله يلا سلام هقفل عشان ورايا كام حاجة عايز اخلصها
ثم وجه الهاتف على وجه صغيرته وهتف
_ يلا قولي باي لماما
لوحت هنا بيدها لأمها ثم كتمت بكفها الصغير على فمها ترسل لها قبلة في الهواء من خلف شاشة الهاتف ففعلت جلنار بالمثل وهي تضحك بحب ودفء
دوى صوت رنين باب المنزل فور انتهائها من حديثها مع ابنتها وزوجها في الهاتف ضيقت عيناها باستغراب وظنته في باديء الأمر أنه حامد
فاتجهت نحو الباب وفتحت في وجه