الأحد 24 نوفمبر 2024

منقذي الزائف بقلم بتول علي

انت في الصفحة 20 من 33 صفحات

موقع أيام نيوز

تشعر ببعض الإعياء فقررت أن تنام وترتاح ولكن ظل التعب ملازما لها في اليوم التالي فقررت أن تذهب إلى المستشفى حتى يتم فحصها ومعرفة سبب مرضها المفاجئ ولكنها سقطت في الشارع
ولفظت أنفاسها الأخيرة أمام أعين الجميع 
رأت مروة بعدما عادت من الحمام برفقة شيماء أمارات الضيق مرتسمة على وجه هبة فسألتها مستغربة تبدل حالتها المزاجية
مالك يا هبة وشك مقلوب كده ليه يا حبيبتي!
مفيش يا مروة أنا حاسة أني تعبانة وعايزة أنام شوية لأني سهرت إمبارح لوقت متأخر ودماغي مصدعة جامد 
لم تفصح لها هبة عن السبب الذي جعلها تتضايق حتى لا تجعل صديقتها تغضب فهي تعلم أن مروة صارت تكره أي شخص تربطه صلة قرابة بآية 
عادت هبة إلى المنزل وهي تشعر بالضيق الذي نتج عن حالة التشتت التي أصابتها بعدما رأت أحمد أمامها وجها لوجه فهي لم تكن تتصور أن تسقط أسيرة لكل هذا الكم من الضياع
من مجرد مقابلة واحدة جرت بينها وبين خطيبها السابق الذي من المفترض أنها صارت تكرهه ولا تطيقه 
أخذت هبة تفكر في كلام أحمد ولكنها لم تقتنع به معللة ذلك بأنه خدعها من قبل ولا يجب عليها أن تسمح له بخداعها مرة أخرى 
حضر إلى ذهنها في هذه اللحظة كلمات توفيق فقررت أن تتحدث مع مالك وتستشيره قبل أن ترد على فكرته بالموافقة أو الرفض 
اتصلت هبة بمالك وطلبت منه أن تلتقي به في المساء وأخبرته أنها تريد أن تتحدث معه في أمر يصيبها بالحيرة وأنها بحاجة إلى رأيه حتى تتخلص من هذا الشعور الذي يضايقها 
تمتمت بتضرع بعدما صدع صوت آذان العصر من أحد المساجد القريبة من منزلها
اللهم ارحمني برحمتك الواسعة واهدني إلى الحق ودبر لي أمري فإني لا أحسن التدبير 
شعر مالك بالسعادة لأن هبة طلبت رؤيته وأخبرته أنها تحتاج إلى نصيحته وهذا يعني أنه صار يتمتع بمقدار كبير من الحب في قلبها ولا يمكن التقليل من شأن تلك المكانة 
أخرج محمد هاتفه من جيب سرواله وفتحه ونظر إلى الشاشة ثم جلس بجوار عمرو وقال
بص يا سيدي

بالنسبة للجدع اللي اسمه شادي فهو شاب عنده تقريبا تلاتين سنة ومقيم في قرية بعيدة شوية يعني هو مش من المدينة بس بيجي هنا كل كام يوم عشان يقابل واحدة واضح كدا أنه مصاحبها وعاطل عن العمل ووالدته ماټت من فترة قريبة 
أخذ عمرو الهاتف من يد صديقه حتى يقرأ بنفسه جميع التفاصيل المتعلقة بالمدعو شادي 
شادي وحسب ما ورد في المعلومات حاصل على بكالوريوس تجارة بتقدير مقبول ولهذا السبب لم يتمكن من الحصول على وظيفة مرموقة وحالته الاجتماعية
أعزب 
كاد عمرو يغلق الهاتف ويعطيه لصديقه ولكنه تراجع وأخذ يراجع صور الأوراق الرسمية التي تمكن محمد من الحصول عليها ومن بينها صورة من شهادة تخرج شادي والتي كانت سببا في اتساع عيني عمرو من شدة الدهشة 
قرأ عمرو البيانات المدونة في شهادة شادي قراءة جيدة وعلم أنه تخرج من الكلية نفسها التي كانت تدرس بها آية وهو أيضا من نفس دفعتها على الرغم من أنه يكبرها في العمر وهذا يعني أنه رسب أثناء دراسته في المرحلة الجامعية 
لعب الشك في رأس عمرو بعدما رأى الروابط التي تجمع بين شادي وآية ونظر إلى محمد وسأله
أنت قولت يا محمد أن شادي مصاحب واحدة وبيجي القاهرة كل كام يوم عشان يقابلها معاك أي صورة ليهم مع بعض
هز محمد رأسه نافيا قائلا بأسف
لا مش معايا لأن الراجل اللي أنا كلفته بمراقبة شادي مكانش عامل حسابه يصوره وهو بيقابل البنت دي 
وضع عمرو هاتفه أمام محمد بعدما فتح المجلد الذي يحتوي على صور زفاف شقيقه الراحل وعرض عليه صور آية متسائلا
هي دي البنت اللي شادي بيقابلها
أخبره محمد أنه لا يعرف أي معلومة بشأن تلك الفتاة فزفر عمرو بضيق هاتفا برجاء
طيب معلش يا محمد أنا هتعبك معايا خلي الراجل بتاعك يفضل مراقب شادي ويعمل حسابه يصوره مع البنت إياها لما يتقابلوا وبالنسبة للفلوس فأنا مش عايزه يحمل أي هم وخليه يفهم أن المبلغ اللي هيطلبه هياخده 
أشار محمد نحو عينيه وابتسم قائلا
حاضر أنا مش عايزك تقلق خالص بخصوص البنت دي وأوعدك هجيبلك قرارها بس الموضوع هيتأخر شوية لحد ما شادي يتجاوز موضوع مۏت أمه اللي جه فجأة وسببله صدمة ولما يجي هنا في القاهرة ويقابل صاحبته ساعتها هقدر أعرف هي مين وهبلغك على طول 
كان من الممكن أن يعطي عمرو صورة آية إلى محمد حتى يرسلها إلى الرجل الذي وكله بمراقبة شادي حتى يعلم إذا كانت هي بالفعل صديقة شادي أم لا ولكنه تذكر مدى دهاء ومكر أرملة أخيه ويعلم أنه إذا أخبره الرجل أن هذه هي الفتاة نفسها التي يلتقي بها شادي فسوف تتهمه آية بأنه يحاول تشويه سمعتها ويريد أن يحرمها من ابنها حتى يرضي زوجته 
أدرك عمرو أنه يجب عليه أن يقطع الشك باليقين وهذا الأمر لن يتحقق إلا بالتقاط صور واضحة لآية وهي برفقة شادي 
غادر عمرو منزل محمد بعدما شكره على وقوفه بجواره على الرغم من عدم تفرغه ثم صعد إلى سيارته وأدار المحرك
قاصدا التوجه إلى منزله وأخذ
يتذكر أثناء القيادة كل ما حدث بعدما أخبره مجاهد بأمر شادي 
لقد ثار وقرر أن يعثر على شادي مهما كلفه هذا الأمر ولهذا السبب دفع المال إلى أصحاب المحلات والمكاتب التي تقع في مناطق تطل على الشارع المؤدي إلى المقاپر حتى يوافقوا على منحه نسخة من سجلات كاميرات المراقبة الموجودة في محلاتهم 
حصل عمرو على تسجيلات اليوم الذي حضر فيه شادي وأخذ يشاهد هذه التسجيلات أمام مجاهد الذي أشار له على صورة شادي بعدما ظهر في أحد التسجيلات
هو ده الجدع اللي قولتلك عليه يا أستاذ عمرو 
احتدت نظرات عمرو وهو يشاهد شادي على الشاشة أثناء عرض تسجيلات الكاميرات وهمس بتوعد
أنا هوريك بس اصبر عليا بس واستنى أما أعرف أنت مين وإيه أصلك وفصلك وساعتها هدفعك تمن إهانتك لأخويا وهو في تربته 
البحث عن شادي كان مهمة صعبة بالنسبة لعمرو ولهذا السبب قرر أن يستعين بصديقه محمد الذي كان يعمل ضابطا في الشرطة ولكنه تقاعد بعدما أصيب في إحدى المهمات إصابة خطېرة كادت تنهي حياته لولا عناية الله به 
وعد محمد صديقه بأنه سيبذل قصارى جهده حتى يعثر على شادي وبالفعل استطاع محمد عن طريق معارفه وأصدقائه القدامى في الشرطة أن يجمعوا معلومات عن شادي بعدما استخدموا صورته التي ظهرت في تسجيلات كاميرات المراقبة 
الأمر لم يكن سهلا ورحلة البحث استغرقت وقتا طويلا وعلى الرغم من ذلك لم يشعر عمرو باليأس لأنه يدرك صعوبة المهمة التي طلبها من صديقه كما أنه كان واثقا أنه سوف يتم العثور على شادي عاجلا أو آجلا 
بعدما تمكن محمد من جمع معلومات كثيرة عن شادي وعائلته كلف أحد الرجال بمراقبته ثم تواصل مع عمرو وأخبره بهذه البشرى السارة التي كان ينتظر سماعها على أحر من الجمر 
الآن لم يعد يفصل بين عمرو والحقيقة التي يبحث عنها سوى مسافة قليلة سوف يجتازها في لمح البصر بعدما يتخطى شادي صدمة رحيل والدته فهو يثق أنه سوف يكشف حينها الستار عن جميع الحقائق المخبأة 
وصل عمرو إلى المنزل والتقي بآية في المدخل وقد ألقت الأخيرة عليه التحية ولكنه تجاهلها ونظر لها بضيق وهو يتوعد لها بداخله أنه سوف يريها الويل إذا تأكد بالفعل من أنها الفتاة نفسها التي يأتي شادي إلى القاهرة من أجل رؤيتها 
نهاية الفصل
الفصل السابع عشر
ارتدى مالك حلة أنيقة وصفف شعره بعناية ثم حمل هاتفه الذي وضعه في وقت سابق على الشاحن حتى لا يضطر لشحنه وهو بالخارج وغادر المنزل وهو يدندن بسعادة لأنه ذاهب إلى مقابلة هبة وهذه المرة بناء على رغبتها وليس اقتراحا منه مثلما كان يحدث في المرات السابقة 
وصل مالك إلى المطعم وجلس ينتظر قدوم هبة التي حضرت بعد مرور نصف ساعة وجلست أمامه فابتسم لها مرحبا بها ثم استدعى النادل وطلب منه إحضار كأسين من عصير المانجو الطبيعي لأنه يعلم جيدا أن هبة تفضله أكثر من أي مشروب أخر 
انتظر مالك حضور النادل بالكأسين وانصرافه قبل أن يبادر بالحديث وهو ينظر إلى هبة بنظرات حانية
خير بقى يا ستي إيه الموضوع المهم اللي مخليك حاسة بحيرة وعايزة تاخدي رأيي فيه
حمحمت هبة قليلا ورفعت رأسها تنظر في عينيه وهي تجيبه بجدية وحديث أحمد يدور في عقلها
الموضوع اللي عايزة أتكلم معاك فيه يبقى بخصوص الكلام اللي أستاذ توفيق النمر اقترحه علينا لما كنا موجودين في مكتبه 
تنهدت هبة وهي تسترسل في الحديث مضيفة بحيرة شاعرة بكثير من التخبط خاصة بعد مقابلتها لأحمد
أنا بصراحة محتارة أوي يا مالك ومش عارفة أعمل إيه لأن عمري ما اتصورت أني أضطر أكدب وأستخدم أساليب فيها غش وخداع عشان أخد حقي من شخص أذاني 
لن يسمح مالك لتلك الحيرة التي تسيطر على هبة أن تمنعها من ټدمير أحمد والقضاء عليه وسوف يستغل هذه المقابلة حتى يقنعها بالشيء الذي يريد أن يجعلها تقوم به 
وجهت هبة أنظارها نحو مالك تنتظر منه أن يقدم لها المشورة التي تنتظرها منه على الرغم من أنها قد حسمت قرارها في وقت سابق إلا أنها قد قررت أن أحمد حاول يستغلني في أعمال منافية للآداب!
هز مالك رأسه بإيجاب وهتف مؤكدا الحديث بوجهة نظره التي حاول أن يقنع بها هبة حتى يتخلص من غريمه أحمد إلى
الأبد
أيوة طبعا لأنك لما تعملي كده ساعتها هتضمني أن أحمد هياخد العقاپ اللي يستاهله على كل اللي عمله فيك ومش بس كده ده كمان والدتك هترتاح في قپرها وهتكون فخورة بيك لأنك انتقمتي من الشخص اللي كان سبب في مۏتها 
أومأت هبة متظاهرة بالاقتناع ولكنها في حقيقة الأمر كانت تشعر بالاشمئزاز لأن مالك أراد تحريضها على مخالفة مبادئها وحاول إقناعها وأخبرها أن والدتها سوف تكون فخورة بها ولكنها في الحقيقة سوف تغضب منها لأنها علمتها في طفولتها أن صاحب الحق لا ينبغي أن يضيع حقه بالغش والكذب وإذا لم يحالفه الحظ في نيل حقه في الدنيا فينبغي له أن يصبر ويحتسب الأجر عند الله تعالى ويؤمن بأن ما لم يحصل عليه في الدنيا سوف يناله في الآخرة 
جواب مالك الذي لم يكن متوقعا بالنسبة لهبة زرع الشك في قلبها وجعلها
19  20  21 

انت في الصفحة 20 من 33 صفحات