منقذي الزائف بقلم بتول علي
والده أنه علم بأمر المدرسة عن طريق المصادفة من بعض الناس
ظهرت أمارات الذهول على وجه مالك بعدما سمع كلامه في هذا التسجيل الذي انتظر عماد انتهاءه قبل أن يتحدث
أنا موبايلي بيسجل المكالمات يا مالك ومعظم مكالماتك ليا وأنت بتلومني وبتقول أني اتخليت عنك متسجلة زي المكالمة دي كده وده إثبات عشان تتأكد وتقتنع من جواك أنك محتاج فعلا تروح مصحة نفسية في أسرع وقت ممكن
إيه الكلام الفارغ ده أنا كويس ومفيش فيا حاجة هو أنا عملت إيه يا بابا عشان تفكرني مچنون! وبعدين أنا مش فاهم أنا كلمتك وقولتلك الكلام ده إمتى!
دلف عماد إلى إحدى الغرف وغاب بداخلها بضع ثوان ثم خرج منها وهو يحمل في يده الهاتف الخاص بابنه فقد وضعه عماد بداخل هذه الغرفة مباشرة بعد تعرض مالك للإغماء
قام عماد بفتح الأذونات المطلوبة من أجل تشغيل تطبيق المشاركة ثم
قام بإرسال
استنى يا بابا خليني أفهم إيه الحكاية بالظبط وبلاش تسيبني تايه كده وحاسس أني مش فاهم حاجة
كلما انتهى مالك من سماع تسجيل تزداد صډمته مما يقوله لوالده وكانت الطامة الكبرى بالنسبة له عندما سمع تسجيل المكالمة التي دارت بينه وبين خميس قبل حاډث من إيده بالعافية ووديه المصحة
زمجر عماد بعصبية فهو قد أصابه التعب من كثرة التفكير في حل لمشكلة ابنه ولا ينقصه تقريع زوجته وعدم تقديرها لموقفه
أطلق عماد تنهيدة حارة وأكمل حديثه بعدما جلس وخلع سترته
مكانش قدامي أي حل بعد ما فضل ينكر حالته وصمم أنه كويس غير أني أسيبه لوحده يسمع التسجيلات عشان أخليه يقتنع بمرضه وأستنى لما هو يجي لحد عندي ويقول بكامل إرادته أنه محتاج يدخل مصحة
لقد كانت نسرين تغرس في رأس مالك فكرة أن الجميع يكرهه وأولهم والده وعلى الجانب الأخر كان أفراد العائلة يعاملونه بشكل جيد وهذا الأمر تسبب بظهور بوادر انفصام في الشخصية تفاقمت عنده بعد ۏفاتها ورؤيته لحقيقة أنها مكروهة من جميع المحيطين بها بسبب أفعالها الخبيثة وليس لأنهم يغارون منها مثلما كانت تزرع داخل عقله
حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا مروة يا بنت شيماء روحي يا شيخة إلهي أشوف فيك يوم يا بعيدة
تحدثت آية من بين بكائها وهي تتأوه بسبب ألم كتفها
شوفتي يا ماما أنا بقى بيجرالي إيه هنا في البيت وأنت موجودة كل اللي بيحصل ده يبقى ولا حاجة قدام اللي بيحصلي لما أنت بتبقي بايتة برة البيت عن واحدة من
أخواتك
ضړبت فادية كفيها هاتفة بغيظ ارتفعت وتيرته بعدما تذكرت مواقف ابنها الذي يقف لها دائما بالمرصاد كلما فكرت في تقريع مروة على تصرفاتها السيئة
العيب مش عليها يا بنتي العيب على ابني اللي سايبها تتفرعن علينا لأن أنا معرفتش أربيه
أخذت فادية تبكي بشدة وهي تردد بحسرة
ناظرة أمامها إلى صورة ياسين وهو يقبل رأسها
أنا خلاص مبقاش عندي أي أولاد بعد ما ياسين ابني راح وقهر قلبي على مۏته وهو في عز شبابه هو اللي كان حنين عليا وعمره ما زعلني مش زي عمرو اللي ماشي زي الدلدول ورا مراته الجاحدة اللي مقسية قلبه عليا
لوت آية ثغرها وتفاقم الغيظ بداخلها بعدما جلبت فادية أمامها سيرة ياسين الذي كان لا يفعل أي شيء إلا بعدما يأخذ استشارة والدته حتى في الأمور الشخصية المتعلقة بحياتهما الخاصة
ربتت فادية على ذراع آية قائلة بهدوء بعدما كفكفت دموعها
سيبيني لوحدي دلوقتي وقومي يا بنتي روحي ارتاحي في شقتك بما أنك تعبانة وبلاش تعملي أي حاجة النهاردة
امتثلت آية لأمر فادية وتمتمت بتهكم أثناء صعودها إلى شقتها
ده إيه المرار الطافح ده يا ناس أنا مشوفتش في حياتي واحدة طبيعية نفسها يبقى ابنها واحد أهطل وغبي وملهوش شخصية زي
المنصوف ياسين اللي كان بيخلي أمه تختار ليه الهدوم اللي يلبسها وهو خارج
ضحكت هبة بشدة وهي تمسك بالهاتف وتستمع إلى حديث مروة التي أخبرتها أنها أمسكت بآية وأبرحتها ضړبا
من يوم يومك يا مروة وأنت مش بتسكتي ولا بترتاحي غير لما بتجيبي حقك تالت ومتلت
أكدت مروة هذا الكلام بقولها
عندك حق يا هبة أنا عمري ما
سكت ولا هسكت لأي حد يفكر يدوس عليا فما بالك بقى بواحدة حاولت تجهضني
كلامك مظبوط يا مروة أنت لازم تفضلي قوية ومينفعش تستسلمي مهما حصل لأي حاجة ممكن تكسرك
قالتها هبة وتذكرت عندما أخبرتها مروة بحقيقة أنها لا تزال حامل وأن آية هي المسؤولة عن الحاډث الذي كاد يؤدي إلى إجهاضها
استمر الحديث بين هبة ومروة لبعض الوقت وأخبرت هبة صديقتها بأمور كثيرة ولكنها لم تجلب لها سيرة عن حقيقة مالك التي اكتشفتها مؤخرا
أنهت هبة المكالمة ثم دخلت إلى المطبخ حتى تعد الطعام وأخرجت عدة بصلات وارتدت المريول وشرعت في إعداد الطعام
أخذت هبة تتأمل مليا السکين الذي تقطع به شرائح البصل وهي تفكر في أنها ليست مضطرة للبحث عن سلاح أخر حتى تنفذ ما عقدت عليه العزم فهذا السکين الصغير سيفي بالغرض كما أنها في جميع الأحوال سوف يتم كشف أمرها والقبض عليها وهذا الأمر لا يهمها فحياتها لم يعد لها قيمة بعدما ماټت والدتها وليس هناك داع لتكلف نفسها عناء شراء سلاح من أجل التخلص من مالك
يكفي أنها كانت سوف تضحي بقطعة الأرض التي ورثتها والدتها من عائلتها في سبيل دفع أتعاب توفيق الذي كان يريدها أن تدمر حياة أحمد وهو في الحقيقة برئ ولا يستحق أن يقضي حياته خلف جدران السچن
غسلت هبة السکين جيدا ثم جففتها ولفت حولها منشفة صغيرة وقامت بوضعها في حقيبة يدها وقررت أن غدا سوف يكون أخر يوم في حياة مالك ومهما حدث فهي لن تسمح أن تشرق شمس بعد الغد عليه إلا وهو راقد في قپره
انتهت هبة من تحضير الغداء ولكنها لم تتناوله بل تركته وغادرت الشقة بعدما قررت أن تقوم بشيء يتوجب عليها القيام به قبل أن تتخلص من حياة مالك
وصلت هبة إلى مبنى النيابة العامة وأخبرت وكيل النيابة برغبتها في الصلح والتنازل عن تلك القضية التي رفعتها ضد أحمد وسألته عن الإجراءات التي يجب اتخاذها حتى يتم هذا الأمر
وبالفعل أمرت النيابة بحفظ أوراق القضية فخرجت هبة وهي تشعر بالسعادة لأنها خلصت أحمد من هذه الورطة وصارت متفرغة لمالك تلك ولماذا تبدلت تعبيرات وجهه إلى الدهشة بعدما استقبل تلك المكالمة
أشار أحمد إلى والدته بأن تصمت وتتركه يستمع إلى كلام محمد ويفهم منه كل شيء ثم أجاب على جميع أسئلتها بعدما أنهى المكالمة قائلا
هبة اتنازلت عن القضية اللي كانت رفعتها ضدي
وكما
توقع أحمد فقد انتقل تعجبه إلى والديه اللذين حاولا إيجاد سبب منطقي يدفع هبة للقيام فجأة بهذا الأمر بعدما كانت تتوعد بالاڼتقام وټدمير حياة أحمد
لا يوجد سوى إجابة منطقية لهذا السؤال وهي أن هبة قد توصلت إلى الحقيقة وعلمت أن أحمد ليس المسؤول عما جرى معها ولكن يبقى هناك سؤالا غامضا وهو كيف اكتشفت هبة الحقيقة ولماذا لم تواجه أحمد بعد معرفتها بكل شيء!
الفصل الثالث والعشرون
كانت التسجيلات بالنسبة لمالك مثل القشة التي قسمت ظهر البعير فقد تذكر مع كل تسجيل سمعه جميع الأمور الفظيعة التي قام بها حتى يتمكن من الحصول على هبة
عاد بذاكرته إلى اليوم الذي اشترى به عقار هلوسه وقام بدسه في كأس الشاي الخاص بأحمد الذي بدأ يفقد تركيزه وصار شبه مغيب عن الوعي
أمسك مالك بهاتفه وبدأ يصور مقطع فيديو لأحمد وهو في تلك الحالة ثم أرسله ليحيى وطلب منه أن يرسل هذا الفيديو لهبة من حساب وهمي لا يمكن تعقبه
حدث ما توقعه مالك بالفعل وأنهت هبة ارتباطها بأحمد بعدما ظنته
عاد إلى الإدمان مرة أخرى وهذا الأمر جعل أحمد يشعر بالحيرة والڠضب مقررا استعادتها مهما كلفه هذا الأمر
قرر مالك أن يستغل إصرار أحمد على استعادة هبة في فعل شيء يجعل الأخيرة تكره سماع اسم أحمد ويتبدل حبها له إلى كره لا حدود له
أشار مالك إلى يحيى في إحدى سهراتهما مع أحمد الذي كان يجلس مهموما أن يبدأ في تنفيذ الخطة التي اتفقا عليها في وقت سابق
ربت يحيى على كتف أحمد قائلا بمواساة مصطنعة
متزعلش نفسك يا أبو حميد سيبك منها وصدقني هي اللي خسرانة مش أنت وبعدين اللي ترفضك لازم ترميها وراك ومتفكرش فيها ولو عايز تنساها تعالى معايا أسبوع على شرم الشيخ وأنا أوعدك أنك هتنسى هبة واللي جابوها
أزاح أحمد يد يحيى هاتفا بضيق فهو لم يعد يحب الجلوس معه بعدما تغيرت أفكاره بسبب الكتب التي صار مدمنا على قراءتها ولولا إلحاح مالك لما أتى وجلس معه على طاولة واحدة
والنبي يا يحيى نقطني بسكوتك أنا مش ناقصك أنت واقتراحاتك المقرفة أنا مش قادر أفهم أنت إزاي طايق نفسك وأنت على الوضع ده!
تدخل مالك في الحديث قائلا بجدية بعدما زجر يحيى بنظرات حادة لأنه كان على وشك إفساد خطتهما دون أن يقصد
خلاص يا أحمد اهدى شوية يحيى قاصد بكلامه أنه يخرجك من حالة الاكتئاب اللي أنت فيها بسبب هبة
حمحم يحيى مؤكدا هذا الأمر بقوله
كلام مالك صح أنا غرضي هو أني أساعدك يا أحمد وفي عندي فكرة هتخلي هبة تجيلك راكعة